حتى أشرف على الهلاك فأرسل إلى إسحق وقيل له هل عندك من علاج فقال قد نهيته فلم يقبل مني ليس عندي علاج فقيل لإسحاق هذه خمسمائة مثقال وعالجه فأبى حتى بلغ إلى ألف مثقال فأخذها وأمر بإحضار الثلج وأمره بالأكل منه حتى تملأ ثم قيأه فخرج جميع اللبن قد تجبن ببرد الثلج فقال إسحق أيها الأمير لو دخل هذا اللبن إلى أنابيب رئتك ولحج فيه أهلكك بضيقة النفس ولكني أجهدته وأخرجته قبل وصوله فقال زيادة الله باع إسحق روحي في البدء اقطعوا رزقه فلما قطع عنه الرزق خرج إلى موضع فسيح من رحاب القيروان ووضع هنالك كرسيا ودواة وقراطيس فكان يكتب الصفات كل يوم بدنانير فقيل لزيادة الله عرضت لإسحاق الغنى فأمر بضمه إلى السجن فتبعه الناس هنالك ثم أخرجه بالليل إلى نفسه وكانت له معه حكايات ومعاتبات احنقته عليه لفرط جوره وسخف رأيه فأمر بفصده في ذراعيه جميعا وسال دمه حتى مات ثم أمر به فصلب ومكث مصلوبا زمانا طويلا حتى عشش في جوفه طائر وكان مما قال لزيادة الله في تلك الليلة والله إنك لتدعى بسيد العرب وما أنت لها بسيد ولقد سقيتك منذ دهر دواء ليفعلن في عقلك وكان زيادة الله مجنونا فتمخل ومات ولإسحق بن عمران من الكتب كتاب الأدوية المفردة كتاب العنصر والتمام في الطب مقالة في الاستسقاء مقالة وجيزة كتب بها إلى سعيد ابن توفيل المتطبب في الإبانة عن الأشياء التي يقال أنها تشفي الأسقام وفيها يكون البرء مما أراد إتحافه به من نوادر الطب ولطائف الحكمة كتاب نزهة النفس كتاب في المالنخوليا كتاب في الفصد كتاب في النبض مقالة في علل القولنج وأنواعه وشرح أدويته وهي الرسالة التي كتب بها إلى العباس وكيل إبراهيم بن الأغلب كتاب في البول من كلام أبقراط وجالينوس وغيرهما كتاب جمع فيه أقاويل جالينوس في الشراب مسائل له مجموعة في الشراب على معنى ما ذهب إليه أبقراط وجالينوس في المقالة الثالثة من كتاب تدبير الأمراض الحادة وما ذكر فيها من الخمر كلام له في بياض المعدة ورسوب البول وبياض المنى إسحق بن سليمان الإسرائيلي كان طبيبا فاضلا بليغا عالما مشهورا بالحذق والمعرفة جيد التصنيف عالي الهمة ويكنى أيا يعقوب وهو الذي شاع ذكره وانتشرت معرفته بالإسرائيلي وهو من أهل مصر وكان يكحل من أوليته ثم سكن القيروان ولازم إسحق بن عمران وتتلمذ له وخدم الإمام أبا محمد عبيد الله المهدي صاحب إفريقية بصناعة الطب وكان إسحق ابن سليمان مع فضله في صناعة الطب بصيرا بالمنطق متصرفا في ضروب المعارف وعمر عمرا طويلا إلى أن نيف على مائة سنة
(٤٧٩)