ذلك فخر الدين بلقب أبيه وكان الوزير علاء الملك العلوي متقلدا الوزارة للسلطان خوارزمشاه وكان علاء الملك فاضلا متقنا العلوم والأدب والشعر بالعربية والفارسية وكان قد تزوج بابنة الشيخ فخر الدين ولما جرى أن جنكز خان ملك التتر قهر خوارزمشاه وكسره وقتل أكثر عسكره وفقد خوارزمشاه توجه علاء الملك قاصدا إلى جنكز خان ومعتصما به فلما وصل إليه أكرمه وجعله عنده من جملة خواصه وعندما استولى التتر على بلاد العجم وخربوا قلاعها ومدنها وكانوا يقتلون في كل مدينة جميع من بها ولم يبقوا على أحد تقدم علاء الملك إلى جنكز خان وقد توجهت فرقة من عساكره إلى مدينة هراة ليخربوها ويقتلوا من بها فسأله أن يعطيه أمانا لأولاد الشيخ فخر الدين بن خطيب الري وأن يجيئوا بهم مكرمين إليه فوهب لهم ذلك وأعطاهم أمانا ولما ذهب أصحابه إلى هراة وشارفوا أخذها نادوا فيها بأن لأولاد فخر الدين بن الخطيب الأمان فليعزلوا ناحية في مكان ويكون هذا الأمان معهم وكان في هراة دار الشيخ فخر الدين هي دار السلطنة كان خوارزمشاه قد أعطاها له وهي من أعظم دار تكون وأكبرها وأبهاها وأكثرها زخرفة واحتفالا فلما بلغ أولاد فخر الدين ذلك أقاموا بها مأمونين والتحق بهم خلق كثير من أهاليهم وأقربائهم وأعيان الدولة وكبراء البلد وجماعة كثيرين من الفقهاء وغيرهم ظنا أن يكونوا في أمان لاتصالهم بأولاد فخر الدين ولكونهم خصيصين بهم وفي دارهم وكانوا خلقا عظيما فلما دخل التتر إلى البلد وقتلوا من وجدوه بها وانتهوا إلى الدار نادوا بأولاد فخر الدين أن يروهم فلما شاهدوهم أخذوهم عندهم وهم ضياء الدين وشمس الدين وأختهم ثم شرعوا بسائر من كان في الدار فقتلوهم عن آخرهم بالسيف وتوجهوا بأولاد الشيخ فخر الدين من هراة إلى سمرقند لأن ملك التتر جنكز خان كان في ذلك الوقت بها وعنده علاء الملك قال ولست اعلم ما تم لهم بعد ذلك أقول وكان أكثر مقام الشيخ فخر الدين بالري وتوجه أيضا إلى بلدة خوارزم ومرض بها وتوفي في عقابيله ببلدة هراة وأملى في شدة مرضه وصية على تلميذه إبراهيم بن أبي بكر بن علي الأصفهاني وذلك في يوم الأحد الحادي والعشرين من شهر المحرم سنة ست وستمائة وامتد مرضه إلى أن توفي يوم العيد غرة شوال من السنة المذكورة وانتقل إلى جوار ربه رحمه الله تعالى وهذه نسخة الوصية بسم الله الرحمن الرحيم يقول العبد الراجي رحمة ربه الواثق بكرم مولاه محمد بن عمر بن الحسين الرازي وهو في آخر
(٤٦٦)