كتاب في شرح البول والنبض تقسيم كتاب الفصول لأبقراط ابن خطيب الري هو الإمام فخر الدين أبو عبد الله محمد بن العمر بن الحسين الرازي أفضل المتأخرين وسيد الحكماء المحدثين قد شاعت سيادته وانتشرت في الآفاق مصنفاته وتلامذته وكان إذا ركب يمشي حوله ثلاثمائة تلميذ فقهاء وغيرهم وكان خوارزمشاه يأتي إليه وكان ابن الخطيب شديد الحرص جدا في سائر العلوم الشرعية والحكمية جيد الفطرة حاد الذهن حسن العبارة كثير البراعة قوي النظر في صناعة الطب ومباحثها عارفا بالأدب وله شعر بالفارسي والعربي وكان عبل البدن ربع القامة كبير اللحية وكان في صوته فخامة وكان يخطب ببلده الري وفي غيرها من البلاد ويتكلم على المنبر بأنواع من الحكمة وكان الناس يقصدونه من البلاد ويهاجرون إليه من كل ناحية على اختلاف مطالبهم في العلوم وتفننهم فيما يشتغلون به فكان كل منهم يجد عنده النهاية القصوى فيما يرومه منه وكان الإمام فخر الدين قد قرأ الحكمة على مجد الدولة الجيلي بمراغة وكان مجد الدين هذا من الأفاضل العظماء في زمانه وله تصانيف جليلة وحكى لنا القاضي شمس الدين الخوئي عن الشيخ فخر الدين أنه قال والله إنني أتأسف في الفوات عن الاشتغال بالعلم في وقت الأكل فإن الوقت والزمان عزيز وحدثني محيي الدين قاضي مرند قال لما كان الشيخ فخر الدين بمرند أقام بالمدرسة التي كان أبي مدرسها وكان يشتغل عنه بالفقه ثم اشتغل بعد ذلك لنفسه بالعلوم الحكمية وتميز حتى لم يوجد في زمانه آخر يضاهيه واجتمعت به أيضا بهمدان وهراة واشتغلت عليه قال وكان لمجلسه جلالة عظيمة وكان يتعاظم حتى على الملوك وكان إذا جلس للتدريس يكون قريبا منه جماعة من تلاميذه الكبار مثل زين الدين الكشي والقطب المصري وشهاب الدين النيسابوري ثم يليهم بقية التلاميذ وسائر الخلق على قدر مراتبهم فكان من يتكلم في شيء من العلوم يباحثونه أولئك التلاميذ الكبار فإن جرى بحث مشكل أو معنى غريب شاركهم الشيخ فيما هم فيه وتكلم في ذلك المعنى بما يفوق الوصف وحدثني شمس الدين محمد الوتار الموصلي قال كنت ببلد هراة في سنة وستمائة وقد قصدها الشيخ فخر الدين بن الخطيب من بلد باميان وهو في أبهة عظيمة وحشم كثير فلما ورد إليها تلقاه السلطان بها وهو حسين بن خرمين وأكرمه إكراما كثيرا ونصب له بعد ذلك منبرا وسجادة في صدر الديوان من الجامع بها ليجلس في ذلك الموضع ويكون له يوم مشهور يراه فيه سائر الناس ويسمعون كلامه وكنت في ذلك اليوم حاضرا مع جملة الناس والشيخ فخر الدين في صدر الإيوان وعن جانبيه يمنة ويسرة صفان من مماليكه الترك متكئين على السيوف وجاء فيه السلطان حسين بن
(٤٦٢)