عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٤٤٣
تهذيب اللغة من خراسان من تصنيف أبي منصور الأزهري فبلغ الشيخ في اللغة طبقة قلما يتفق مثلها وأنشأ ثلاث قصائد ضمنها ألفاظا غريبة من اللغة وكتب ثلاثة كتب أحدها على طريقة ابن العميد والآخر على طريقة الصابي والآخر على طريقة الصاحب وأمر بتجليدها وأخلاق جلدها ثم أوعز الأمير فعرض تلك المجلدة على أبي منصور الجبائي وذكر أنا ظفرنا بهذه المجلدة في الصحراء وقت الصيد فيجب أن تتفقدها وتقول لنا ما فيها فنظر فيها أبو منصور وأشكل عليه كثير مما فيها فقال له الشيخ أن ما تجهله من هذا الكتاب فهو مذكور في الموضع الفلاني من كتب اللغة وذكر له كثير من الكتب المعروفة في اللغة كان الشيخ حفظ تلك الألفاظ منها وكان أبو منصور مجزفا فيما يورده من اللغة غير ثقة فيها ففطن أبو منصور أن تلك الرسائل من تصنيف الشيخ وأن الذي حمله عليه ما جبهه به في ذلك اليوم فتنصل واعتذر إليه ثم صنف الشيخ كتابا في اللغة سماه لسان العرب لم يصنف في اللغة مثله ولم ينقله في البياض حتى توفي فبقي على مسودته لا يهتدي أحد إلى ترتيبه وكان فد حصل للشيخ تجارب كثيرة فيما باشره من المعالجات عزم على تدوينها في كتاب القانون وكان قد علقها على أجزاء فضاعت قبل تمام كتاب القانون من ذلك أنه صدع يوما فتصور أن مادة تريد النزول إلى حجاب رأسه وأنه لا يأمن ورما ينزل فيه فأمر بإحضار ثلج كثير ودقه ولفه في خرقة وتغطية رأسه بها ففعل ذلك حتى قوي الموضع وامتنع عن قبول تلك المادة وعوفي ومن ذلك أن امرأة مسلولة بخوارزم أمرها أن لا تتناول شيئا من الأدوية سوى الجلنجبين السكري حتى تناولت على الأيام مقدار مائة منه وشفيت المرأة وكان الشيخ قد صنف بجرجان المختصر الأصغر في المنطق وهو الذي وضعه بعد ذلك في أول النجاة ووقعت نسخة إلى شيراز فنظر فيها جماعة من أهل العلم هناك فوقعت لهم الشبه في مسائل منها فكتبوها على جزء وكان القاضي بشيراز من جملة القوم فأنفذ بالجزء إلى أبي القاسم الكرماني صاحب إبراهيم من بابا الديلمي المشتغل بعلم التناظر وأضاف إليه كتابا إلى الشيخ أبي القاسم وأنفذهما على يدي ركابي قاصد وسأله عرض الجزء على الشيخ واستيجاز أجوبته فيه وإذا الشيخ أبي القاسم دخل على الشيخ عند اصفرار الشمس في يوم صائف وعرض عليه الكتاب والجزء فقرأ الكتاب ورده عليه وترك الجزء بين يديه وهو ينظر فيه والناس يتحدثون ثم خرج أبو القاسم وأمرني الشيخ بإحضار البياض وقطع أجزاء منه فشددت خمسة أجزاء كل واحد منها عشرة أوراق
(٤٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 ... » »»