عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٤١٦
الأهوازي وأبو عيسى بقية والقس الرومي وبنو حسنون وجماعة طبائعيون قال عبيد الله وكان والدي جبرائيل قد أصعد مع عضد الدولة من شيراز ورتب في جملة الطبائعيين في البيمارستان وفي جملة الأطباء الخواص قال وكان في البيمارستان مع هؤلاء من الكحالين الفضلاء أبو نصر بن الدحلي ومن الجرائحيين أبو الخير وأبو الحسن بن تفاح وجماعته ومن المجبرين المشار إليهم أبو الصلت وقال سليمان بن حسان أن الرازي كان متوليا لتدبير مارستان الري زمانا قبل مزاولته في البيمارستان العضدي وقال أن الرازي كان في ابتداء نظره يضرب بالعود ثم أنه أكب على النظر في الطب والفلسفة فبرع فيهما براعة المتقدمين وقال القاضي صاعد في كتاب التعريف بطبقات الأمم أن الرازي لم يوغل في العلم الإلهي ولا فهم غرضه الأقصى فاضطرب لذلك رأيه وتقلد آراء سخيفة وانتحل مذاهب خبيثة وذم أقواما لم يفهم عنهم ولا اهتدى لسبيلهم وقال محمد بن إسحاق النديم المعروف بأبي الفرج بن أبي يعقوب في كتاب الفهرست أن الرازي كان ينتقل في البلدان وبينه وبين منصور بن إسماعيل صداقة وألف له كتاب المنصوري قال وأخبرني محمد بن الحسن الوراق قال قال لي رجل من أهل الري شيخ كبير سألته عن الرازي فقال كان شيخا كبير الرأس مسفطه وكان يجلس في مجلسه ودونه التلاميذ ودونهم تلاميذهم ودونهم تلاميذ أخر فكان يجيء الرجل فيصف ما يجد لأول من يلقاه فإن كان عندهم علم وإلا تعداهم إلى غيرهم فإن أصابوا وإلا تكلم الرازي في ذلك وكان كريما متفضلا بارا بالناس حسن الرأفة بالفقراء والإعلاء حتى كان يجري عليهم الجرايات الواسعة ويمرضهم ولم يكن يفارق المدارج والنسخ ما دخلت عليه قط إلا رأيته ينسخ أما يسود أو يبيض وكان في بصره رطوبة لكثرة أكله الباقلاء وعمي في آخر عمره وكان يقول إنه قرأ الفلسفة على البلخي قال محمد بن إسحاق النديم وكان البلخي من أهل بلخ يطوف البلاد ويجول الأرض حسن المعرفة بالفلسفة والعلوم القديمة وقد يقال إن الرازي ادعى كتبه في ذلك ورأيت بخطه شيئا كثيرا في علوم كثيرة مسودات ودساتير لم يخرج منها إلى الناس كتاب تام وقيل إن بخراسان كتبه موجودة قال وكان في زمان الرازي رجل يعرف بشهيد بن الحسين ويكنى أبا الحسن يجري مجرى فلسفته في العلم ولكن هذا الرجل كتب مصنفة وبينه وبين الرازي مناظرات ولكل واحد منهما نقوض على صاحبه أقول وكان الرازي ذكيا فطنا رؤوفا بالمرضى مجتهدا في علاجهم وفي برئهم بكل وجه يقدر عليه مواظبا للنظر في غوامض صناعة الطب والكشف عن حقائقها وأسرارها وكذلك في غيرها من العلوم بحيث أنه لم يكن له دأب ولا عناية في جل أوقاته إلا في الاجتهاد والتطلع فيما قد دونه الأفاضل من العلماء في كتبهم حتى وجدته يقول في بعض كتبه إنه كان لي صديق نبيل يسامرني على قراءة كتب بقراط وجالينوس وللرازي أخبار كثيرة وفوائد متفرقة فيما حصل له من التمهر في صناعة الطب وفيما تفرد به في مداواة المرضى وفي الاستدلال على أحوالهم من تقدمة المعرفة وفيما خبره من الصفات والأدوية التي لم يصل إلى عملها كثير من الأطباء وله في ذلك حكايات كثيرة وقعت له قد تضمنها كثير من كتبها وقد ذكر من ذلك جملا في باب مفرد من كتابه الحاوي وفي كتابه
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»