عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٤٠٥
فمن جملتها أنه أعطاه خزانة كتب الأجل أمين الدولة بن التلميذ وكان مرض الناصر مرارا وبرأ على يده فحصل له فيها جمل وافرة ثم توفي الشيخ أبو الخير في أيام الناصر فقيل له إنه قد توفي وترك ولدا متخلفا وجملة عظيمة من المال فقال لا يعترض ولده فيما ورثه من أبيه فما خرج عنا لا يعود إلينا ولأبي نصر بن المسيحي من الكتب كتاب الاقتضاب على طريق المسألة والجواب في الطب كتاب انتخاب الاقتضاب أبو الفرج هو صاعد بن هبة الله بن توما نصراني من أهل بغداد وكان من الأطباء المتميزين والأكابر المتعينين حدثني شمس الدين محمد بن الحسن بن محمد بن الكريم البغدادي أنه كان طبيب نجم الدولة أبي اليمن نجاح الشرابي وارتقت به الحال إلى أن صار وزيره وكاتبه ثم دخل إلى الناصر وكان يشارك من يحضر من أطبائه في أوقات أمراضه ثم حظي عنده الحظوة التامة وسلم إليه عدة جهات يخدم بها وكان بين يديه فيها عدة دواوين وكتاب وقتل في سنة عشرين وستمائة وكان سببه أنه أحضر جماعة من الأجناد الذين كانت معايشهم تحت يده وأنه خاطبهم بما فيه بعض المكروه فكمن له منهم اثنان ليلا فقتلاه بالسكاكين واعترضت تركته فأمر الخليفة بأن يحمل ما فيها من المال إلى الخزانة ويبقى القماش والملك لولده قال فأخبرني بعض البغداديين أنه حمل من داره إلى الخزانة من الدنانير العين ثمانمائة ألف وثلاثة عشر ألف دينار وبقي الأثاث والأملاك بما يقارب تتمة ألف ألف دينار فترك لولده أقول ووجدت الصاحب جمال الدين بن القفطي قد حكى من أحوال صاعد بن توما المذكور ما هذا نصه قال كان حكيما طيبا حسن العلاج كثير الإصابة ميمون المعاناة في الأكثر له سعادة تامة في هذا الشأن وكان من ذوي المروءات والأمانات تقدم في أيام الناصر إلى أن كان بمنزلة الوزراء واستوثقه على حفظ أموال خواصه وكان يودعها عنده ويرسله في أمور خفية إلى وزرائه ويظهر له في كل وقت وكان حسن الوساطة جميل المحضر قضيت على يديه حاجات واستكفيت بوساطته شرور وسالمته الأيام مدة طويلة ولم ير له غير شاكر وناشر وكان الإمام الناصر في آخر أيامه قد ضعف بصره وأدركه سهو في أكثر أوقاته لأحزان تواترت على قلبه ولما عجز عن النظر في القصص والانهاءات استحضر امرأة من النساء البغداديات تعرف بست نسيم وقربها وكانت تكتب خطا قريبا من خطه وجعلها بين يديه تكتب الأجوبة والرقاع وشاركها في ذلك خادم اسمه تاج الدين رشيق ثم تزايد الأمر بالناصر فصارت المرأة تكتب الأجوبة بما تراه فمرة تصيب ومرة تخطئ
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»