عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٤٠٣
وكان في طريقه بحلب نفذ إليه الملك الظاهر غازي بن الملك الناصر صلاح الدين واستحضره وأعجبه كلامه فطلب أن يقيم عنده فاعتذر إليه ولم يقبل منه الملك الظاهر ذلك وأطلق له مالا كثيرا وأنعم عليه وكان عظيم المنزلة عنده وبقي في خدمته نحو سنتين ثم سافر إلى ماردين أقول وتوفي فخر الدين المارديني رحمه الله يوم السبت الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة أربع وتسعين وخمسمائة بآمد وله من العمر اثنان وثمانون سنة ووقف جميع كتبه في ماردين في المشهد الذي وقفه حسام الدين بن أرتق وكان حسام الدين هذا فاضلا حكيما فيلسوفا وقد وقف أيضا في مشهده كتبا حكمية والكتب التي وقفها الشيخ فخر الدين هي من أجود الكتب وهي نسخه التي كان قد قرأ أكثرها على مشايخه وحررها وقد بالغ في تصحيحها واتقانها وحدثني سديد الدين محمود بن عمر وكان حاضرا عند الشيخ فخر الدين المارديني وقت موته قال لم يزل الشيخ فخر الدين لما أحس بالموت يذكر الله تعالى ويمجده ولم يفتر عن ذلك إلى حين قضى وكان آخر شيء سمعناه منه اللهم إني آمنت بك وبرسولك صدق صلى الله عليه وسلم أن الله يستحي من عذاب الشيخ ولفخر الدين المارديني من الكتب شرح قصيدة الشيخ الرئيس ابن سينا التي أولها (هبطت إليك من المحل الأرفع *) وكان شرحه لهذه القصيدة لما سأله الأمير عز الدين أبو القاسم الخضر بن أبي غالب نصر الأزدي الحمصي ذلك رسالة فضح فيها بعض من اتهمه بالميل إلى مذهب معيب أبو نصر بن المسيحي هو أبو نصر سعيد بن أبي الخير بن عيسى بن المسيحي من المتميزين في صناعة الطب والأفاضل من أهلها والأعيان من أربابها حدثني شمس الدين محمد بن الحسن بن محمد بن الكريم البغدادي قال مرض الخليفة الناصر لدين الله في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة مرضا شديدا وكان المرض بالرمل وعرض له في المثانة حصاة كبيرة مفرطة في الكبر واشتد به الألم وطال المرض وكان طبيبه أبو الخير المسيحي وكان شيخا حسنا مسنا وقد خدمه مدة طويلة وكان خبيرا متقنا للصناعة ومات وقد قارب المائة سنة فامتد به المرض وضجر من المعالجات فأشار بأن تشق المثانة لإخراج الحصاة فسأل عن حذاق الجرائحين فأخبر برجل منهم يقال له ابن عكاشة من ساكني الكرخ بجانب بغداد الغربي فأحضر وشاهد العضو العليل وأمره ببطه فقال أحتاج أن أشاور مشايخ الأطباء في هذا فقال له من
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»