عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ١١٧
والمعجزة وقد تظهر منهم أفعال المتفلسفين أيضا وذلك أن عدم جزعهم من الموت وما يلقون بعده أمر قد نراه كل يوم وكذلك عفافهم عن الجماع وأن منهم قوما لا رجال فقط لكن نساء أيضا قد أقاموا أيام حياتهم ممتنعين عن الجماع ومنهم قوم قد بلغ من ضبطهم لأنفسهم في التدبير في المطعم والمشرب وشدة حرصهم على العدل أن صاروا غير مقصرين عن الذين يتفلسفون بالحقيقة قال عبد الله بن جبرائيل فبهذا القول قد علم أن النصارى لم يكونوا ظاهرين في زمن المسيح بهذه الصورة أعني الرهبنة التي نعتها جالينوس وإيثار الانقطاع إلى الله سبحانه وتعالى ولكن بعد المسيح بمائة سنة انتشروا هذا الانتشار حتى زادوا على الفلاسفة في فعل الخير وآثروا العدل والتفضل والعفاف وفازوا بتصديق المعجز وحصل لهم الحالان وورثوا المنزلتين واغتبطوا بالسعادتين أعني السعادة الشرعية والسعادة العقلية فمن هذا وشبهه يتبين تاريخ جالينوس وهذا آخر ما ذكره عبد الله بن جبرائيل من أمر جالينوس ونقلت من خط الشيخ موفق الدين أسعد بن إلياس بن المطران قال المواضع الذي ذكر جالينوس فيها موسى والمسيح قد ذكر موسى في المقالة الرابعة من كتابه في التشريح على رأي أبقراط إذ يقول هكذا يشبهون من تعين من المتطببين لموسى الذي سن سننا لشعب اليهود لأن من شأنه أن يكتب كتبه من غير برهان إذ يقول الله أمر والله قال ويذكر موسى في كتاب منافع الأعضاء ويذكر موسى والمسيح في كتاب النبض الكبير إذ يقول لا الخشبة المتفتلة تستوي ولا الشجرة العتيقة إذا حولت تعلق فيسهل أن يعلم الإنسان أهل موسى والمسيح من أن يعلم الأطباء والفلاسفة الممارين بالأحزاب ويذكر موسى والمسيح في مقالته في المحرك الأول ويقول لو كنت رأيت قوما يعلمون تلاميذهم كما كان يعلمون أهل موسى والمسيح إذ كانوا يأمرونهم أن يقبلوا كل شيء بالأماتة لم أكن أريكم أحدا وفي مواضع أخر قال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل وكان جالينوس من الحكماء اليونانيين الذين كانوا في الدولة القيصرية بعد بنيان روميه ومولده ومنشؤه بفرغامس وهي مدينة صغيرة من جملة مدائن آسيا شرقي قسطنطينية وهي جزيرة في بحر قسطنطينية وهم روم إغريقيون يونانيون ومن تلك الناحية اندفع الجيش المعروف بالقوط من الروم الذين غنموا الأندلس واستوطنوها وذكر لشيذر الإشبيلي الحراني أن مدينة فرغامس كانت موضع سجن الملوك وهنالك كانوا يحبسون من غضبوا عليه مسكن جالينوس وقال يوسف بن الداية في تعريف موضع جالينوس ومسكنه ما هذه حكايته
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»