عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ١١٥
أبقراط ومن أصحاب بركساغورس وغيرهم وإني اختار من مقالة كل قوم أحسن ما فيها واتفق يوما إني حضرت مجلسا عاما ليمتحن حذقي بكتب القدماء فأخرج كتاب أرسطراطس في نفث الدم والقيء فيه نأمر على العادة الجارية فوقع على الموضع الذي ينهي فيه أرسطراطس عن فصد العرق فزدت في المعاندة لأراسطراطس لغم مرطياليس لأنه ادعى أنه من أصحابه فأعجب ذلك القول من سمعه وسألني رجل من أوليائي وأعداء مرطياليس أن أملي الكلام الذي قلته في ذلك المجلس على كاتب له بعث به إلي ماهر بالكتاب الذي يكتب بالعلامات سريعا فيه ليقوله لمرطياليس إذا صادفه عند المرضى فلما اشخصني الملك إلى مدينة رومية في المرة الثانية وكان الرجل الذي أخذ مني تلك المقالة قد مات ولا أدري كيف وقعت نسختها إلى كثير من الناس فلم يسرني ذلك لأنه كلام جرى على محبة الغلبة في ذلك الوقت أن لا أخطب في المجالس العامية ولا أباري لأني رزقت من السعادة والنجاح في علاج المرضى أكثر مما كنت أتمنى وذلك إني لما رأيت غير أهل المهنة إذا مدح أحد الأطباء بحسن العبارة سموه طبيب الكلام أحببت أن اقطع ألسنتهم عني فأمسكت عن الكلام سوى ما لا بد منه عند المرضى وعما كنت أفعله من التعليم في المحافل ومن الخطب في المجالس العامية واقتصرت على إظهار مبلغ علمي في الطب على ما كنت أفعله في علاج المرضى وأقمت برومية ثلاث سنين أخر فلما ابتدأ فيها الوباء خرجت منها مبادرا إلى بلادي وكان رجوعي إلى رومية وقد أتى علي من السنين سبع وثلاثون سنة قال عبيد الله بن جبرائيل فمن وقت هذا يكون مولد جالينوس في السنة العاشرة من ملك طرينوس الملك لأنه زعم أنه وضعه لكتاب علاج التشريح كان في مقدمه الأول إلى رومية وذلك في ملك أنطونينوس كما ذكرنا وأنه كان له من عمره على ما ذكرنا ثلاثون سنة مضى منها من مدة ملك أدريانوس إحدى وعشرون سنة وكان مدة الملك طرينوس قيصر تسع عشرة سنة وإذا كان هذا هكذا أصبح أن مولد جالينوس كان في السنة العاشرة من ملك طرينوس فتكون المدة التي من صعود المسيح إلى السماء وهي من سنة تسع عشرة من ملك طيباريوس قيصر إلى السنة العاشرة من ملك طرينوس التي ولد فيها جالينوس على موجب التاريخ المذكور ثلاثا وسبعين سنة وعاش جالينوس على ما ذكره إسحاق بن حنين في تاريخه ونسبه إلى يحيى النحوي سبعا وثمانين سنة منها صبي ومتعلم سبع عشرة سنة وعالم معلم سبعين سنة قال إسحق بين وفاة جالينوس إلى سنة تسعين ومائتين للهجرة وهي السنة التي عمل فيها التاريخ ثمانمائة وخمس عشرة سنة وقال عبد الله بن جبرائيل وينضاف إلى ذلك مما بين هذه السنة التي عملنا فيها هذا الكتاب وهي سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة للهجرة الواقعة في سنة ألف وثلاثمائة واثنتين وأربعين للإسكندر وبين سنة تسعين ومائتين وهو مائة واثنتان وثلاثون سنة فيكون من وفاة جالينوس إلى سنتنا هذه
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»