إذا استعفيت لأنه كان قد بلغني عن أحدهما وهو أشبههما بحسن الخلق ولين الجانب وهو الذي كان اسمه بيرس فلما ملك أنطونينوس من بعد أدريانوس وصير ببرس ولي عهده أشرك في ملكه رجلا يقال له لوقيس وسماه بيرس وسمى هذا الذي كان اسمه بيرس أنطونينوس فلما صرت إلى بلاد أقوليا عرض فيها من الوباء ما لم يعرض قط فهرب الملكان إلى مدينة رومية مع عدة من أصحابهما وبقي عامة العسكر بأقوليا فهلك البعض وسلم البعض ونالوا جهدا شديدا ليس من أجل الوباء فقط ولكن من جهة أن الأمر فاجأهم في وسط الشتاء ومات لوقيوس في الطريق فحمل أنطونينوس بدنه إلى رومية فدفنه هناك وهم بغزو أهل جرمانيا وحرص الحرص كله أن أصحبه فقلت إن الله تعالى لما خلصني من دبيلة قتالة كانت عرضت لي أمرني بالحج إلى بيته المسمى هيكل أسقليبيوس وسألته الإذن في ذلك فشفعني وأمرني بأن أحج ثم انتظرت إلى وقت انصرافه إلى رومية فإنه قد كان يرجو أن ينقضي حربه سريعا وخرج وخلف ابنه قومودس صبيا صغيرا وأمر المتوالين لخدمته وتربيته أن يجتهدوا في حفظ صحته فإن مرض دعوني لعلاجه أتولاه ففي هذا الزمان جمعت كل ما جمعته من المعلمين وما كنت استنبطته وفحصت عن أشياء كثيرة ووضعت كتبا كثيرة لأروض بها نفسي في معان كثيرة من الطب والفلسفة احترق أكثرها في هيكل أريني ومعنى أريني السلامة ولأن أنطونيوس أيضا في سفره أبطأ خلاف ما كان يقدر فكان ذلك الزمان مهلة في رياضة نفسي فهذه الأقاويل وغيرها مما لم نورده لطلبة الاختصار فقد بان أن جالينوس كان في أيام هذا الملك وكان عمره في الوقت الذي قدم فيه رومية القدوم الأول ثلاثين سنة وذلك بدليل قوله في هذا الكتاب المقدم ذكره عند وصفه ما وضعه من الكتب في التشريح قال جالينوس ووضعت أربع مقالات في الصوت كتبتها إلى رجل من الوزراء اسمه بويئس يتعاطى من الفلسفة مذهب فرقه أرسطوطاليس وإلى هذا الرجل كتبت أيضا خمس مقالات وضعتها في التشريح على رأي أبقراط وثلاث مقالات وضعتها بعدها في التشريح على رأي أرايسطراطس نحوت فيها نحو من يحب الغلبة والظهور على مخاليفه بسب رجل يقال له مرطياليس وضع مقالتين في التشريح هما إلى هذه الغاية موجودتان في أيدي الناس وقد كان الناس بهما في وقت ما وضعت هذا الكتاب معجبين وكان هذا الرجل حسودا شديد البغي والمراء على كبر سنه فإنه قد كان من أبناء سبعين سنة وأكثر فلما بلغه إني سئلت في مجلس عام عن مسألة في التشريح فاعجب بما أحببت به فيها واستحسنه جميع من سمعه وكثر مدح الناس لي عليه سأل عني بعض أصدقائنا بقول من أقول من أهل فرق الطب كلها قال له إني أسمى من ليست نفسه إلى فرقهب من الفرق وقال إنه من أصحاب
(١١٤)