وأعلاه لبني أسد لأفنائهم وأنشد، سقى الأربع الآطار من بطن ثادق هزيم الكلى، جاشت به العين أملح وقال عبد الرحمن بن دارة:
قضى مالك ما قد قضى ثم قلصت به، في سواد الليل، وجناء عرمس فأضحت بأعلى ثادق، فكأنها محالة غرب تستمر وتمرس وقال ابن دريد: سألت أبا حاتم عن اشتقاق ثادق فقال لا أدري، وسألت الرياشي فقال: إنكم يا معشر الصبيان تتعمقون في العلم، وقلت أنا: ويحتمل أن يكون اشتقاقه من ثدق المطر من السحاب إذا خرج خروجا سريعا، وسحاب ثادق وواد ثادق أي سائل.
ثافت: بكسر الفاء، وتاء مثناة، ويقال أثافت، في أوله همزة: موضع باليمن، وقد تقدم ذكره في باب الهمزة.
الأفل: بكسر الفاء، ولام، والثفل في اللغة ما سفل من كل شئ، قال عرام بن الأصبغ وهو يذكر جبال تهامة ويتلو تليلا: جبلان يقال لأحدهما ثافل الأكبر وللآخر ثافل الأصغر، وهما لبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة، وهم أصحاب جلال ورغبة ويسار، وبينهما ثنية لا تكون رمية سهم، وبينهما وبين رضوى وغرور ليلتان، نباتهما العرعر والقرظ والظيان والبشام والأيدع، قال عرام: وهو شجر يشبه الدلب إلا أن أغصانه أشد تقاربا من أغصان الدلب له ورد أحمر ليس بطيب الريح، ولا ثمر له، نهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن تكسير أغصانه وعن السدر والتنضب لأنها ذوات ظلال يسكن الناس دونها في الحر والبرد، واللغويون غير عرام بن الأصبغ مختلفون في الأيدع، فمنهم من قال إنه الزعفران محتاجا بقول رؤبه: كما لقي محرم حج أيدعا، والبعض يقول: إنه دم الأخوين، ومنهم من قال:
إنه البقم، والصواب عندنا قول عرام لأنه بدوي من تلك البلاد، وهو أعرف بشجر بلاده، ونعم الشاهد على قول عرام قول كثير حيث قال:
كأن حمول القوم، حين تحملوا، صريمة نخل أو صريمة أيدع يقال: صريمة من غضا وصريمة من سلم وصريمة من نخل أي جماعة، قال: وفي ثافل الأكبر آبار في بطن واد يقال له يرثد، ويقال للآبار الدباب، هو ماء عذب غير منزوف أنا شيط قدر قامة، وفي ثافل الأصغر دوار في جوفه يقال له القاحة، ولها بئران عذبتان غزيرتان، وهما جبلان كبيران شامخان، وكل جبال تهامة تنبت الغضور، وبين هذه الجبال جبال صغار وقرادد، وينسب إلى كل جبل ما يليه، روي أنه كان ليزيد بن معاوية ابن اسمه عمر فحج في بعض السنين، فقال وهو منصرف:
إذا جعلن ثافلا يمينا، فلن نعود بعدها سنينا للحج والعمرة ما بقينا قال: فأصابته صاعقة فاحترق، فبلغ خبره محمد بن علي بن الحسين عليه السلام، فقال: ما استخف أحد ببيت الله الحرام إلا عوجل، وقال كثير:
فإن شفائي نظرة، إن نظرتها إلى ثافل يوما، وخلفي شنائك وقال عبد الرحمن بن هرمة: