معجم البلدان - الحموي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٢
من التتر بخراسان في سنة 617.
الخلد: بضم أوله، وتسكين ثانيه: قصر بناه المنصور أمير المؤمنين ببغداد بعد فراغه من مدينته على شاطئ دجلة في سنة 159، وكان موضع البيمارستان العضدي اليوم أو جنوبيه، وبنيت حواليه منازل فصارت محلة كبيرة عرفت بالخلد، والأصل فيها القصر المذكور، وكان موضع الخلد قديما ديرا فيه راهب، وإنما اختار المنصور نزوله وبنى قصره فيه لعلة البق، وكان عذبا طيب الهواء لأنه أشرف المواضع التي ببغداد كلها، ومر بالخلد علي بن أبي هاشم الكوفي فنظر إليه فقال:
بنوا وقالوا: لا نموت، وللخراب بنى المبني ما عاقل، فيما رأيت، إلى الخراب بمطمئن وقد نسب إلى هذه المحلة جماعة من أهل العلم والزهاد، منهم: جعفر الخلدي الزاهد، وقد روى بعض الصوفية أن جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم أبا الخواص المعروف بجعفر الخلدي لم يسكن الخلد قط، وكان السبب في تسميته بذلك أنه سافر الكثير ولقي المشايخ الكبراء من الصوفية والمحدثين ثم عاد إلى بغداد واستوطنها فحضر عند الجنيد وعنده جماعة من أصحابه، فسئل الجنيد عن مسألة فقال: يا أبا محمد أجبهم، فقالوا: أين نطلب الرزق؟ فقال: إن علمتم أي موضع هو فاطلبوه، فقالوا: نسأل الله ذلك؟ فقال: إن علمتم أنه نسيكم فذكروه، فقالوا: ندخل البيت ونتوكل، فقال:
أتختبرون ربكم بالتوكل؟ هذا شك! فقالوا: كيف الحيلة؟ فقال: ترك الحيلة، فقال الجنيد: يا خلدي من أين لك هذه الأجوبة؟ فجرى اسم الخلدي عليه، قال: والله ما سكنت الخلد ولا سكنه أحد من آبائي!
ومات الخلدي في شهر رمضان سنة 348، وقال ابن طاهر: الخلدي لقب لجعفر بن نصير وليس بنسبة إلى هذا الموضع، ومن المنسوبين إليه صبيح بن سعيد النجاشي الخلدي المراق، كان يضع الأحاديث، قال يحيى بن معين: كان كذابا خبيثا، وكان ينزل الخلد، وكان المبرد محمد بن يزيد النحوي ينزله فكان ثعلب يسميه الخلدي لذلك، وسماه المنصور بذلك تشبيها له بالخلد اسم من أسماء الجنة، وأصله من الخلود وهو البقاء في دار لا يخرج منها. والخلد أيضا: ضرب من الفيران خلقه الله أعمى لا يرى الدنيا قط ولا يكون إلا في البراري المقفرة.
الخلصاء: بفتح أوله، وتسكين ثانيه، والصاد مهملة، والمد، قال أبو منصور: بلد بالدهناء معروف، وقال غيره: الخلصاء أرض بالبادية فيها عين، وقال الأصمعي: الخلصاء ماء لعبادة بالحجاز، والصحيح ما ذهب إليه الأزهري لأنه رأى تلك المواضع، وقد ذكره ذو الرمة والدهناء منازله فقال:
ولم يبق بالخلصاء مما عنت به من الرطب، إلا يبسها وهشيمها وقال أيضا:
أشبهن من بقر الخلصاء أعينها، وهن أحسن من صيرانها صورا خلص: موضع بآرة بين مكة والمدينة واد فيه قرى ونخل، قال الشاعر:
فإن بخلص فالبريراء فالحشا فوكد إلى النهيين من وبعان
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»