معجم البلدان - الحموي - ج ٢ - الصفحة ٢٧١
فخرجت القلوص تعدو إلى ألافها، فجعل حارثة يقول:
يمنعها شيخ بخديه الشيب ملمع كما يلمع الثوب ماض على الريب إذا كان الريب فنهض زياد وصاح بأصحابه المسلمين ودعاهم إلى نصرة الله وكتابه، فانحازت طائفة من المسلمين إلى زياد وجعل من ارتد ينحاز إلى حارثة، فجعل حارثة يقول:
أطعنا رسول الله ما دام بيننا، فيا قوم ما شأني وشأن أبي بكر؟
أيورثها بكرا، إذا مات، بعده، فتلك، لعمر الله، قاصمة الظهر!
فكان زياد يقاتلهم نهارا إلى الليل، وجاءه عبد له فأخبره أن ملوكهم الأربعة، وهم: مخوس ومشرح وجمد وأبضعة وأختهم العمردة بنو معدي كرب ابن وليعة في محجرهم قد ثملوا من الشراب، فكبسهم وأخذهم وذبحهم ذبحا، وقال زياد:
نحن قتلنا الاملاك الأربعة:
جمدا ومخوسا ومشرحا وأبضعه وسموا ملوكا لأنه كان لكل واحد منهم واد يملكه، قال: وأقبل زياد بالسبي والأموال فمر على الأشعث بن قيس وقومه فصرخ النساء والصبيان، فحمي الأشعث أنفا وخرج في جماعة من قومه فعرض لزياد ومن معه وأصيب ناس من المسلمين وانهزموا، فاجتمعت عظماء كندة على الأشعث فلما رأى ذلك زياد كتب إلى أبي بكر يستمده، فكتب أبو بكر إلى المهاجر بن أبي أمية، وكان واليا على صنعاء قبل قتل الأسود العنسي، فأمره بإنجاده، فلقيا الأشعث ففضا جموعه وقتلا منهم مقتلة كبيرة، فلجؤوا إلى النجير حصن لهم، فحصرهم المسلمون حتى أجهدوا، فطلب الأشعث الأمان لعدة منهم معلومة هو أحدهم، فلقيه الجفشيش الكندي واسمه معدان بن الأسود بن معدي كرب، فأخذ بحقوه وقال: اجعلني من العدة، فأدخله وأخرج نفسه ونزل إلى زياد بن لبيد والمهاجر فقبضا عليه وبعثا به إلى أبي بكر، رضي الله عنه، أسيرا في سنة 12، فجعل يكلم أبا بكر وأبو بكر يقول له: فعلت وفعلت، فقال الأشعث: استبقني لحربك فوالله ما كفرت بعد إسلامي ولكني شححت على مالي فأطلقني وزوجني أختك أم فروة فإني قد تبت مما صنعت ورجعت منه من منعي الصدقة، فمن عليه أبو بكر، رضي الله عنه، وزوجه أخته أم فروة، ولما تزوجها دخل السوق فلم يمر به جزور إلا كشف عن عرقوبها وأعطى ثمنها وأطعم الناس، وولدت له أم فروة محمدا وإسحاق وأم قريبة وحبانة، ولم يزل بالمدينة إلى أن سار إلى العراق غازيا، ومات بالكوفة، وصلى عليه الحسن بعد صلح معاوية.
حضرة: بالكسر ثم السكون: موضع بتهامة كان فيه يوم بين بني دوس بن عدثان وبني الحارث بن كعب، وكان الغلب والظفر لدوس.
الحضنان: بالتحريك، والتثنية: جبلان يسميان الحضنين في بلاد بني سلول بن صعصعة.
حضن: بالتحريك، وهو في اللغة العاج: وهو جبل بأعلى نجد، وهو أول حدود نجد، وفي المثل:
أنجد من رأى حضنا أي من شاهد هذا الجبل فقد صار في أرض نجد، وقال السكري في قول جرير:
لو أن جمعهم، غداة مخاشن، يرمى به حضن لكاد يزول
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»