معجم البلدان - الحموي - ج ٢ - الصفحة ١٣٥
وعشم ابني حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وبنو عوف بن ربان وجرم بن ربان إلى أطراف الجزيرة وخالطوا قراها وكثروا بها وغلبوا على طائفة منها، فكانت بينهم وبين من هناك وقعة هزموا الأعاجم فيها فأصابوا فيهم، فقال شاعرهم جدي بن الدلهات بن عشم العشمي:
صففنا للأعاجم من معد صفونا بالجزيرة كالسعير لقيناهم بجمع من علاف، ترادى بالصلادمة الذكور فلاقت فارس منهم نكالا، وقاتلنا هرابذ شهر زور ولم يزلوا بناحية الجزيرة حتى غزا سابور الجنود بن أردشير الحضر، وكانت مدينة تزيد، فافتتحها واستباح ما فيها وقتل جماعة من قبائل قضاعة وبقيت منهم بقية قليلة فلحقوا بالشام وساروا مع تنوخ، وذكر سيف ابن عمر أن سعد بن أبي وقاص لما مصر الكوفة في سنة 17 اجتمع الروم فحاصروا أبا عبيدة بن الجراح والمسلمين بحمص، فكتب عمر، رضي الله عنه، إلى سعد بإمداد أبي عبيدة بالمسلمين من أهل العراق، فأرسل إليه الجيوش مع القواد وكان فيهم عياض بن غنم، وبلغ الروم الذين بحمص مسر أهل العراق إليهم فخرجوا عن حمص ورجعوا إلى بلادهم، فكتب سعد إلى عياض بغزو الجزيرة، فغزاها في سنة 17 وافتتحها، فكانت الجزيرة أسهل البلاد افتتاحا لان ألها رأوا أنهم بين العراق والشام، وكلاهما بيد المسلمين، فأذعنوا بالطاعة فصالحهم على الجزية والخراج، فكانت تلك السهول ممتحنة عليهم وعلى من أقام بها من المسلمين، قال عياض بن غنم:
من مبلغ الأقوام أن جموعنا حوت الجزيرة، غير ذات رجام?
جمعوا الجزيرة والغياب، فنفسوا عمن بحمص غيابة القدام إن الأعزة والاكرام معشر، فضوا الجزيرة عن فراج الهام غلبوا الملوك على الجزيرة، فانتهوا عن غزو من يأوي بلاد الشام وكان عمر، رضي الله عنه، قد نزل الجابية في سنة 17 ممدا لأهل حمص بنفسه، فلما فرغ من أهل حمص أمد عمر عياض بن غنم بن جبيب بن مسلمة الفهري فقدم على عياض ممدا، وكتب أبو عبيدة إلى عمر بعد انصرافه من الجابية يسأله أن يضم إليه عياض بن غنم إذ كان صرف خالدا إلى المدينة، فصرفه إليه وصرف سهيل بن عدي و عبد الله بن عتبان إلى الكوفة واستعمل حبيب بن مسلمة على عجم الجزيرة والوليد ابن عقبة بن أبي معيط على عرب الجزيرة وبقي عياض ابن غنم على ذلك إلى أن مات أبو عبيدة في طاعون عمواس سنة 18، فكتب عمر، رضي الله عنه، عهد عياض على الجزيرة من قبله، هذا قول سيف ورواية الكوفيين، وأما غيره فيزعم أن أبا عبيدة هو الذي وجه عياض بن غنم إلى الجزيرة من الشام من أول الامر وأن فتوحه كان من جهة أبي عبيدة، وزعم البلاذري فيما رواه عن ميمون بن مهران قال: الجزيرة كلها من فتوح عياض بن غنم بعد وفاة أبي عبيدة بن الجراح ولاه إياها عمر، رضي الله عنه، وكان أبو عبيدة استخلفه على الشام فولى عمر يزيد بن أبي سفيان ثم معاوية من بعده الشام وأمر عياضا بغزو الجزيرة، قال: وقال آخرون بعث أبو عبيدة عياض بن غنم إلى
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»