بتهوذة (1)، من أرض الزاب (2) بالمغرب، سنة ثلاث وستين، ومن ولده بمصر إلى الآن بقية، وبأفريقية، وبغزة من أرض الشام.
وسليمان بن داود بن سلمون القيرواني، كان فقيها فاضلا. سمع أبا بكر محمد بن عبد الله البغدادي، روى عنه عبد الله بن ميمون بن أشقند الأطرابلسي المغربي.
وأبو عقال بن علوان القيرواني المغربي من قدماء مشايخ المغرب، صحب أبا هارون الأندلسي. ومات أبو عقال بمكة، وبها قبره، أقام أبو عقال بمكة أربع سنين، لم يأكل ولم يشرب إلى أن توفي، وقيل: اثنتي عشرة سنة. وقيل: كان يسمي حمامة (3) الحرم. قال أبو إسحاق المغربي نزيل طرسوس: كان أبي فيمن لقي أبا عقال بمسجد الخيف، وعليه خيشتان، متزرا بإحداهما، ومتشحا بالأخرى، وحوله جماعة يكتبون كلامه، فلما انقضى المجلس خلوت به، قلت: حدثني بأشد ما مر بك في الحجاز. قال: لا تقدر تسمعه، ولكن أحدثك ببعضه، كان معي في بعض السنين سبعون صاحب ركوة (4)، فوقع القحط في الحجاز، فماتوا عن آخرهم، وبقي معي خمسة نفر، قد أثر فيهم الضر، فوقع القحط في الحجاز، فماتوا عن آخرهم، وبقي معي خمسة نفر، قد أثر فيهم الضر، وبقينا سبع عشرة ليلة متواليات، لم نطعم فيها شيئا، فضعفت وأيست من الحياة، فوقع في سري أن آتي الركن وألتزمه إلى أن أموت، فحبوت إليه حبوا، ورفعت، واستندت إلى زمزم، فإذا أنا بأسود، على رأسه مكتل (5) كبير، وحمل مشوي، وصرة كبيرة من فضة، فقال لي: أنت أبو عقال؟ قلت: نعم. فوضعه بين يدي وفر، فأومأت إلى أصحابي، فأتوني حبوا، وكنت فيهم كواحد منهم.
وأبو علي الضرير القيرواني، بكى حتى عمي، ثم رجع إليه بصره، فبكى حتى عمي ثانيا، وهو من كبار مشايخهم، صحب الخولاني.