الذريعة - آقا بزرگ الطهراني - ج ١٤ - الصفحة ١١١
نهج البلاغة هو كالشمس الطالعة في رائعة النهار، في الظهور وعلو الشأن والقدر، وارتفاع المحل، قد جعلت رؤيتها لجميع الناس مرأى واحدا لا تخفى على أحد، فيقبح من العاقل البصير سؤال ما هي الشمس الطالعة وهي مما يقتبس من اشراق نورها كافة الكائنات في البر والبحر، كذلك النهج قد طبقت معروفيته الشرق والغرب، ونشر خبره في اسماع الخافقين، ويتنور من تعليمات النهج جميع أفراد نوع البشر لصدوره عن معدن الوحي الإلهي، فهو أخ القرآن الكريم في التبليغ والتعليم وفيه دواء كل عليل وسقيم، ودستور للعمل بموجبات سعادة الدنيا وسيادة دار النعيم، غير أن القرآن أنزله حامل الوحي الإلهي على قلب النبي الأمين صلى الله عليه وآله وسلم، والنهج أنشأه باب مدينة علم النبي وحامل وحيه، سيد الموحدين وإمام المتقين، علي أمير المؤمنين عليه السلام من رب العالمين، وقد قيل فيه:
نهج البلاغة نهج العلم والعمل * فاسلكه يا صاح تبلغ غاية الامل وقد لمحنا في ج 4 ص 144 إلى سيادته على سائر الكتب وكونه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ونعم ما قيل فيه:
كلام علي كلام علي * وما قاله المرتضى مرتضى لقد صارت الكلمات التي يلقيها أمير المؤمنين عليه السلام في خطبه، أو يمليها إلى كاتبه مخزونة في صدور جمع من أصحابه، على موجب السيرة العربية، ثم قيد ما في تلك الصدور إلى الكتابة في الأصول الأولية التي ذكرنا اثنى عشر منها في ج 7 ص 187 وبعدها، منها ما الف في عصر الأمير عليه السلام مثل كتاب الخطب تأليف أبى سليمان زيد الجهني الذي شهد حروب الأمير عليه السلام، ثم نقل منها إلى سائر الكتب التي ألفت في جمع خطبه عليه السلام إلى عصر الشريف الرضي رحمه الله مما لا يستهان به، وكانت تلك الأصول المعتبرة والكتب المعتمدة في مكتبة
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»