الذريعة - آقا بزرگ الطهراني - ج ٨ - الصفحة ١٧٢
(كتاب الدعاء) الدعاء هو السؤال الذي امر الله عباده به في كتابه واذن لهم ورغبهم إلى أن يدعوه ويسألوه، حتى أنه عد تركهم له اعتداء منهم إياه وغفلة عن حضرة ربوبيته، ووعدهم بالاستجابة وأوعد بالاستكبار عنه فقال في سورة الأعراف (آ: 53) ادعوا ربكم تضرعا وخفية انه لا يحب المعتدين. و (آ: 204) واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين. وقال في سورة المؤمن (آ: 62) أدعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين. وفى سورة البقرة (آ: 182) وإذا سألك عبادي عنى فانى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان وفي (عيون الاخبار) [قال رسول الله (ص) الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين]. وفى (ثواب الأعمال) [قال النبي (ص) الا أدلكم على سلاح ينجيكم من عدوكم وتدر أرزاقكم؟ قالوا نعم، قال تدعون بالليل والنهار فان سلاح المؤمن الدعاء] وقال (ص) [الدعاء مخ العبادة وأفضل عبادة أمتي بعد قرائة القرآن الدعاء ثم قرا ادعوني استجب لكم إلى آخر الآية] ووجه أفضلية الدعاء كما حققه العلماء ان حال الدعاء والذكر أقرب حالات العبيد إلى حضرة الربوبية وان كان هو أقرب إليهم من حبل الوريد لكنهم عنه ساهون وبالدعاء والذكر يرتفع الحجاب بين الداعي ورب الأرباب، ولذلك ترى أن اهتمام الشارع بالدعاء فوق اهتمامه بكل شئ فإنه روى لكل آن من آنات الليل والنهار ولكل يوم من أيام الأسابيع أو الشهور أو السنين أو العمر أدعية خاصة وانه قرر لكل حال من حالات الانسان ولكل فعل يريد ارتكابه ولجميع مطالبه الدنيوية أو الأخروية ولكافة أعماله العادية أو العبادية أو المعاملية ووظائف من الدعاء والذكر، كما أنه فرر لاستجابة الدعاء وتأثيره شرائط وآدابا لا تصل فائدته إلى الانسان ولا تحصل له نورانية القلب وتهذيب النفس المطلوب من الدعاء الا بمراعات تلك الآداب، ووصل إلينا كثير من هذه الوظائف والآداب، وقد كان بدء هذه الاهتمام من لدن عصر النبي وبعده في أعصار الأئمة (ع) وانتهى إلى أيام الغيبة الصغرى وفى طيلة تلك المدة غيض الله تعالى لطفا منه على عباده وانفاذا لمراده جمعا كثيرا من الأخيار البررة المعبر عنهم في كتابه بالقرى الظاهرة فأخذوا من معادن
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»