أهله في عرض رسائل أو اشعار فان رأى الاسماع تصغي إليه ورأى من يطلبه انتحله وادعاه والا فليأخذ في غير تلك الصناعة تذنيب: ومن الناس من ينكر التصنيف في هذا الزمان مطلقا ولاوجه لانكاره من أهله وانما يحمله عليه التنافس والحسد الجاري بين أهل الاعصار ولله در القائل في نظمه (شعر) قل لمن لا يرى المعاصر شيئا. ويرى للأوائل التقديما ان ذاك القديم كان حديثا. وسيبقى هذا الحديث قديما واعلم أن نتائج الأفكار لا تقف عند حد وتصرفات الانظار لا تنتهي إلى غاية بل لكل عالم ومتعلم منها حظ يحرزه في وقته المقدر له وليس لاحد ان يزاحمه فيه لان العالم المعنوي واسع كالبحر الزاخر والفيض الإلهي ليس له انقطاع ولا آخر والعلوم منح الهية ومواهب صمدانية فغير مستبعد ان يدخر لبعض المتأخرين ما لم يدخر لكثير من المتقدمين فلا تغتر بقول القائل ما ترك الأول للاخر بل القول الصحيح الظاهر كم ترك الأول للاخر فإنما يستجيد [يستجاد] الشئ ويسترذله [ويسترذل] لجودته ورداءته في ذاته لا لقدمه وحدوثه. ويقال ليس كلمة أضر بالعلم من قولهم ما ترك الأول شيئا لأنه يقطع الآمال عن العلم ويحمل على التقاعد عن التعلم فيقتصر الاخر على ما قدم الأول من الظواهر وهو خطر عظيم وقول سقيم فالاوائل وان فازوا باستخراج الأصول وتمهيدها فالأواخر فازوا بتفريع الأصول وتشييدها كما قال عليه الصلاة والسلام أمتي أمة مباركة لا يدرى أولها خير أو آخرها. وقال ابن عبد ربه في العقداني رأيت آخر كل طبقة وواضعي كل حكمة ومؤلفي كل أدب أهذب لفظا وأسهل نقة واحكم مذاهب وأوضح طريقة من الأول لأنه نافض متعقب والأول بادي [باد] متقدم انتهى. وروى أن المولى خواجة زاده كان يقول ما نظرت في كتاب أحد بعد تصانيف السيد الشريف الجرجاني بنية الاستفادة وذكر صاحب الشقائق في ترجمة المولى شمس الدين الفناري ان الطلبة إلى زمانه كانوا يعطلون يوم الجمعة ويوم الثلاثاء فأضاف المولى المذكور إليهما يوم الاثنين للاشتغال بكتابة تصانيف العلامة التفتازاني وتحصيلها انتهى الباب الرابع في فوائد منثورة من أبواب العلم وفيه مناظر وفتوحات المنظر الأول: في العلوم الاسلامية. واعلم أن العلوم المتداولة في الأمصار على صنفين صنف طبيعي للانسان يهتدى إليه بفكره وهى العلوم الحكمية وصنف نقلي يأخذه عمن وضعه وهى
(٣٩)