كشف الظنون - حاجي خليفة - ج ١ - الصفحة ٤١٤
لا تدرك بالحواس كذلك ما من شانه ان يعاين بعين اليقين لا يمكن ان يدرك بعلم اليقين فالواجب على من يريد ذلك ان يجتهد في الوصول إليه بالعيان دون ان يطلبه بالبيان فإنه طور وراء طور العقل.
(شعر) علم التصوف علم ليس يعرفه * الا أخو فطنة بالحق معروف وليس يعرفه من ليس يشهده * وكيف يشهد ضوء الشمس مكفوف هذا ما ذكره ابن صدر الدين واما أبو الخير فإنه جعل الطرف الثاني من كتابه في العلوم المتعلقة بالتصفية التي هي ثمرة العمل بالعلم قال ولهذا العلم أيضا ثمرة تسمى علوم المكاشفة لا يكشف عنها العبارة غير الإشارة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ان من العلم كهيئة المكنون لا يعرفها الا العلماء بالله (تعالى) فإذا نطقوا ينكره أهل الغرة فرتب هذا الطرف في مقدمة ودوحة لها شعب وثمرة وقال الدوحة في علوم الباطن ولها أربع شعب العبادات والعادات والمهلكات والمنجيات فلخص فيه كتاب احياء العلوم للغزالي ولم يذكر الثمرة فكأنه لم يذكر التصوف المعروف بين أهله. قال الامام القشيري اعلموا ان المسلمين بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لم يتسم أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة الرسول عليه الصلاة والسلام إذ لا أفضلية فوقها فقيل لهم الصحابة ولما ادركهم أهل العصر الثاني سمى من صحب الصحابة بالتابعين ثم اختلف الناس وتباينت المراتب فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بأمر الدين الزهاد والعباد ثم ظهرت البدعة وحصل التداعي بنى الفرق فكل فريق ادعوا ان فيهم زهادا فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله (سبحانه وتعالى) الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم التصوف واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة انتهى. وأول من سمى بالصوفي أبو هاشم الصوفي المتوفى سنة 150 خمسين ومائة. واعلم أن الاشراقيين من الحكماء الإلهيين كالصوفيين في المشرب والاصطلاح خصوصا المتأخرين منهم الا ما يخالف مذهبهم مذهب أهل الاسلام ولا يبعدان يؤخذ هذا الاصطلاح من اصطلاحهم كما لا يخفى على من تتبع كتب حكمة الاشراق؟؟. وفى هذا الفن كتب غير محصورة ذكرنا منها ما أثبتناه في هذا السفر على ترتيبه اجمالا:
(٤١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 ... » »»