لسان الميزان - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ٢٠٤
في تاريخ الكبير انتهى. هو أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن سليمان بن داود ابن المطهر بن زياد بن ربيعة أبو العلاء المعرى اللغوي الشاعر المشهور كان عجبا من الذكاء المفرط والاطلاع على اللغة، ولد سنة ثلاث وستين وثلاث مائة وجدر في السنة الثالثة من عمره فعمى منه فكان يقول لا أعرف من الألوان الا الأحمر واخذ العربية من أصحاب ابن خالويه وعلى والده ومحمد بن عبد الله بن سعد النحوي وكان قانعا باليسير كان له وقف يحصل منه في العام نحو ثلاثين دينارا قرر منها لمن يخدمه النصف وكان غذاؤه العدس وحلاوته التين ولباسه القطن وفراشه لبادا وكان لا يحمد أحدا ولو تكسب بالمدح والشعر لنال دنيا ورياسة وسافر إلى بغداد سنة تسع وتسعين وثلاث مائة، فسمعوا منه ديوانه المسمى (بسقط الزند) وعاد إلى المعرة سنة أربع مائة فلزم منزله وسمى نفسه رهن المحبسين يعنى منزله وبصره وقصد من النواحي ويقال انه كان يحفظ ما يمر بسمعه وسمع من يحيى بن مسعر التنوخي صاحب أبي عروبة جزأ من أبي الفتح محمد بن الحسين صاحب خيثمة وصار على تصانيفه ومكث بصنعاء سنة لا يأكل اللحم، ويروى ان صالح بن مرداس قصد المعرة وحاصرها فعصى أهلها عليه ثم فتحها فخرج إليه أبو العلاء ومدحه فوهبها له وكان لا يأكل الا في مغارة وحده منفردا وكان يعتذر إلى من يرحل إليه من الطلبة بأنه كان ليس له سعة وأهل اليسار بالمعرة يعرفون بالبخل، وقال غرس النعمة ابن الصابي حدثني الوزير أبو نصر بن جهير ثنا أبو نصر المنادى الشاعر قال اجتمعت بابي العلاء المعرى فقلت له ما هذا الذي يروى عنك ويحكى قال حسدوني وكذبوا علي فقلت على ماذا حسدوك وقد تركت لهم الدنيا والآخرة فقال الآخرة أيضا وتألم، قال السلفي من عجيب رأى أبى العلاء تركه تناول كل
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»