دار بين المعري وبين أبى نصر بن أبي عمران الامامي وكان الداعي إلى مذهب الفاطميين فراسل المعرى يسأله عن سبب تركه اللحم فأجابه بما ذكر من الرأفة فرد عليه بنحو ذلك، وقد طالعت ما دار بينهما واستندت منه فيما يتعلق، بترجمة المعرى انه ذكر عن نفسه قال قضى علي وانا ابن أربع لا أفرق بين النازل والربع قال ومسست في آخر عمري بالابعاد وحكم الله علي بالازهاد فصرت من العوافي جهاد، وقال في جوابه عن تركه اكل اللحم قالوا ان كان ربنا لا يريد الا الخير فالشر لا يخلو من أمرين اما ان يكون علمه أولا وعلى الأول فان كان يريده فيجب ان ينسب الفعل إليه وان كان بغير ارادته جاز عليه ما لا يجوز على أصغر الامر الا انه لا يرضى ان يفعل في ولايته ما لا يريد، وهذه عقدة قد اجتهد المتكلمون حلها فأعوزهم، وقال في هذه الرسالة انه لما بلغ ثلاثين عاما سأل ربه ان يرزقه صوم الدهر ففعل وظن أن اقتناعه بالنبات يثبت له جميل العاقبة، ثم قال والذي حثني على ذلك أن لي في السنة نيفا وعشرين دينارا فإذا اخذ خادمي نصفه بقى لي ما لا يفي إلى أن قال ولست أزيد في رزقي زيادة ولا أوثر لسقمي عيادة، ومات في ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربع مائة، ومن شعره المؤذن بانحلاله في كتابه لزوم ما لا يلزم، (أبيات) قران المشترى زحلا يرجى * لايقاظ النواظر من كراها فيمضى الناس جيلا بعد جيل * وخلفت النجوم كما تراها تقدم صاحب التوراة موسى * وأوقع بالخسار من اقتراها فقال رجاله وحي اتاه * وقال الآخرون بل افتراها وما حجي إلى أحجار بيت * كؤوس الخمر تشرب في ذراها
(٢٠٧)