مصعب بن الزبير ثم انتدب لقتال عبد الله بن الزبير بمكة فجهزه أميرا على الجيش فحضر مكة ورمى الكعبة بالمنجنيق إلى أن قتل ابن الزبير. وقال جماعة إنه دس على ابن عمر من سمه في زج رمح (1) وقد وقع بعض ذلك في صحيح البخاري وولاه عبد الملك الحرمين مدة ثم استقدمه فولاه الكوفة وجمع له العراقين فسار بالناس سيرة جائرة واستمر في الولاية نحوا من عشرين سنة وكان فصيحا بليغا فقيها وكان يزعم أن طاعة الخليفة فرض على الناس في كل ما يرومه ويجادل على ذلك وخرج عليه ابن الأشعث ومعه أكثر الفقهاء والقراء من أهل البصرة وغيرها فحاربه حتى قتله وتتبع من كان معه فعرضهم على السيف فمن أقر له أنه كفر بخروجه عليه أطلقه ومن امتنع قتله صبرا. حتى قال عمر بن عبد العزيز لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم.
وأخرج الترمذي من طريق هشام بن حسان أحصينا من قتله الحجاج صبرا فبلغ مائة الف وعشرين ألفا وقال زاذان كان مفلسا من دينه وقال طاوس عجبت لمن يسميه مؤمنا وكفره جماعة منهم سعيد بن جبير والنخعي ومجاهد وعاصم بن أبي النجود والشعبي وغيرهم وقالت له أسماء بنت أبي بكر أنت المبير الذي أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن شوذب عن مالك بن دينار سمعت الحجاج يخطب فلم يزل بيانه وتخلصه بالحجج حتى ظننت أنه مظلوم.
وقال ابن أبي الدنيا حدثني أحمد بن جميل ثنا عبد الله بن المبارك انا عبد الرحمن ابن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم قال أغمى على المسور بن مخرمة ثم أفاق فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أحب إلي من الدنيا وما فيها عبد الرحمن بن عوف في الرفيق الأعلى (مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا). وعبد الملك والحجاج يجران أمعاءهما في النار.
قلت: هذا اسناد صحيح ولم يكن للحجاج حينئذ ذكر ولا كان عبد الملك ولى الخلافة بعد لان المسور مات في اليوم الذي جاء فيه نعي يزيد بن معاوية من الشام وذلك في ربيع الأول سنة (64) من الهجرة وقال القاسم بن مخيمرة كان الحجاج ينقض عرى الاسلام