تهذيب التهذيب - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ٤
وهو انني اقتصر على ما يفيد الجرح والتعديل خاصة واحذف منه ما أطال به الكتاب من الأحاديث التي يخرجها من مروياته العالية من الموافقات والابدال وغير ذلك من أنواع العلو فان ذلك بالمعاجم والمشيخات أشبه منه بموضوع الكتاب وإن كان لا يلحق المؤلف من ذلك عاب (1) حاشا وكلا بل هو والله العديم النظير. المطلع النحرير. لكن العمر يسير. والزمان قصير. فحذفت هذه جملة وهو نحو ثلث الكتاب.
ثم إن الشيخ رحمه الله قصد استيعاب شيوخ صاحب الترجمة واستيعاب الرواة عنه ورتب ذلك على حروف المعجم في كل ترجمة وحصل من ذلك على الأكثر لكنه شئ لا سبيل إلى استيعابه ولا حصره وسببه انتشار الروايات وكثرتها وتشعبها وسعتها فوجد المتعنت بذلك سبيلا إلى الاستدراك على الشيخ بما لا فائدة فيه جليلة ولا طائلة فإن أجل فائدة في ذلك هو في شئ واحد وهو إذا اشتهر ان الرجل لم يرو عنه إلا واحد فإذا ظفر المفيد له براو آخر أفاد رفع جهالة عين ذلك الرجل برواية راويين عنه فتتبع مثل ذلك والتنقيب عليه مهم.
وأما إذا جئنا إلى مثل سفيان الثوري وأبي داود الطيالسي ومحمد بن إسماعيل وأبي زرعة الرازي ويعقوب بن سفيان وغير هؤلاء ممن زاد عدد شيوخهم على الألف فأردنا استيعاب ذلك تعذر علينا غاية التعذر فان اقتصرنا على الأكثر والأشهر بطل ادعاء الاستيعاب ولا سيما إذا نظرنا إلى ما روي لنا عن من لا يدفع قوله أن يحيى بن سعيد الأنصاري راوي حديث الاعمال حدث به عنه سبعمائة نفس وهذه الحكاية ممكنة عقلا ونقلا لكن لو أردنا أن نتبع من روى عن يحيى بن سعيد فضلا عن من روى هذا الحديث الخاص عنه لما وجدنا هذا القدر ولا ما يقاربه فاقتصرت من شيوخ الرجل ومن الرواة عنه إذا كان مكثرا على الأشهر والأحفظ والمعروف فان كانت الترجمة قصيرة لم أحذف منها شيئا في الغالب وإن كانت متوسطة اقتصرت على ذكر الشيوخ والرواة الذين عليهم رقم في الغالب. وإن كانت طويلة اقتصرت على من عليه رقم الشيخين مع ذكر جماعة غيرهم ولا أعدل عن ذلك إلا لمصلحة مثل أن يكون الرجل قد عرف من حاله أنه لا يروي إلا عن

(1) العيب والعاب: العار اه‍ قاموس.
(٤)