وقال العلامة المرعشي في " نشر الطوالع ":
" يجب تعظيم جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والكف عن مطاعنهم، وحسن الظن بهم، وترك التعصب والبغض لأجل بعضهم على بعض، وترك الافراط في محبة بعضهم على وجه يفضي إلى عداوة آخرين منهم والقدح فيهم، فان الله تعالى اثنى عليهم في مواضع كثيرة منها قوله تعالى:
(يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم بايمانهم..) الآية.
وقد أحبهم النبي صلى الله عليه وسلم واثنى عليهم وأوصى أمته بعدم سبهم وبغضهم وأذاهم، وما ورد من المطاعن، فعلى تقدير صحته له محامل وتأويلات، ومع ذلك لا يعادل ما ورد في مناقبهم، وحكي عن آثارهم المرضية وسيرهم الحميدة نفعنا الله بمحبتهم أجمعين.
قال: الامام النووي - رحمه الله تعالى:
واعلم أن سبب تلك الحروب ان القضايا كانت مشتبهة، فلشدة اشتباهها اختلف اجتهادهم وصاروا ثلاثة اقسام: قسم ظهر لهم بالاجتهاد ان الحق في هذا الطرف، وان مخالفه باغ فوجب عليهم نصرته وقتال الباغي عليه فيما اعتقدوه فعلوا ذلك، ولم يكن يحل لمن هذه صفته التأخر عن مساعدة الإمام العدل في قتال البغاة.
وقسم عكس هؤلاء ظهر لهم بالاجتهاد ان الحق في الطرف الآخر، فوجب عليهم مساعدته وقتال الباغي عليه.
وقسم ثالث اشتبهت عليهم القضية وتحيروا فيها ولم يظهر لهم ترجيح أحد الطرفين فاعتزلوا الفريقين، وكان هذا الاعتزال هو الواجب في حقهم، لأنه لا يحل الاقدام على قتال مسلم حتى يظهر انه مستحق لذلك، ولو ظهر لهؤلاء رجحان أحد الطرفين وان الحق معه لما جاز بهم التأخر عن نصرته في قتال البغاة عليه.
فكلهم معذورون - رضي الله عنهم - ولهذا اتفق أهل الحق ومن يعتد به في الاجماع على قبول شهاداتهم وروايتهم وكمال عدالتهم رضي الله عنهم أجمعين.