الإصابة - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ٢٥
فقال العلامة البيجوري في شرحه عليها:
وقد وقع تشاجر بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما - وقد افترقت الصحابة ثلاث فرق:
فرقة اجتهدت، فظهر لها ان الحق مع علي، فقاتلت معه وفرقة اجتهدت، فظهر لها أن الحق مع معاوية، فقاتلت معه، وفرقة توقفت.
وقد قال العلماء: المصيب بأجرين والمخطئ باجر، وقد شهد الله ورسوله لهم بالعدالة، والمراد من تأويل ذلك أن يصرف إلى محمل حسن لتحسين الظن بهم فلم يخرج وتحد منهم عن العدالة بما وقع بينهم، لأنهم مجتهدون.
وقوله: (ان خضت فيه) أي ان قدر انك خضت فيه فأوله: ولا تنقص أحدا منهم، وإنما قال المصنف ذلك لان الشخص ليس مأمورا بالخوض فيما حرى بينهم، فإنه ليس من العقائد الدينية، ولا من القواعد الكلامية، وليس مما ينتفع به في الدين، بل ربما ضر في اليقين، فلا يباح الخوض فيه الا للرد على المتعصبين، أو للتعليم كتدريس الكتب التي تشتمل على الآثار المتعلقة بذلك، واما العوام فلا يجوز لهم الخوض فيه لشدة جهلهم، وعدم معرفتهم بالتأويل.
وقال السعد التفتازاني:
" يجب تعظيم الصحابة والكف عن مطاعنهم، وحمل ما يوجب بظاهره الطعن فيهم على محامل وتأويلات، سيما المهاجرين، والأنصار وأهل بيعة الرضوان، ومن شهد بدرا واحدا والحديبية، فقال: انعقد على علو شانهم الاجماع، وشهد بذلك الآيات الصراح، والاخبار الصحاح " " وللروافض سيما الغلاة منهم مبالغات في بغض البغض من الصحابة - رضي الله عنهم - والطعن فيهم بناء على حكايات وافتراءات لم تكن في القرن الثاني والثالث، فإياك والاصغاء إليها، فإنها تضل الاحداث، وتحير الأوساط وان كانت لا تؤثر فيمن له استقامة على الصراط المستقيم، وكفاك شاهدا على ما ذكرنا انها لم تكن في القرون السالفة ولا فيما بين العترة الطاهرة، بل ثناؤهم على عظماء الصحابة وعلماء السنة والجماعة، والمهديين من خلفاء الدين مشهئر وفي خطبهم ورسائلهم وأشعارهم ومدائحهم مذكور "
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»