(فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه، أولئك هم المفلحون) فالجن الذين لم يتبعوه ليسوا مفلحين، وإنما يكون كذلك، وإذا ثبتت رسالته في حقهم.
وكقوله تعالى: (لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين) وكقوله: (هدى للمتقين)، ونحو ذلك من الآيات أيضا قوله تعالى: (انما تنذر من اتبع الذكر)، ومن الجن كذلك، ولو تتبعنا الآيات التي من هذا الجنس لوجدناها جاءت كثيرة.
واعلم أن المقصود بتكثير الأدلة أن الآية الواحدة والآيتين قد يمكن تأويلها، ويتطرق إليها الاحتمال فإذا كثرت قد تترقى إلى حد يقطع بإرادة ظاهرها، وبقي الاحتمال والتأويل عنها.
وأما السنة ففي صحيح مسلم من حديث العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فضلت على الأنبياء بست، أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وخيم بي التيسيون) ومحل الاستدلال قوله: (وأرسلت إلى الخلق كافة)، فإنه يشمل الجن والإنس، وحمله على الانس خاصة تخصيص بغير دليل فلا يجوز، والكلام فيه كالكلام في قوله تعلى: (للعالمين) فإن قال قائل: على أن المراد بالخلق الناس رواية البخاري من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي)، فذكر من جملتها: