الإصابة - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ٩٥
أساسا في بناء ثقافة طلاب العلم، كان حفظها أو سماعها يتم باشراف كفاة بارزين في حقوق اختصاصهم أو ما يقرب منها.
وإذا كانت ثقافة الحافظ ابن حجر تقليدية في أسلوبها فهي ليست كذلك في مكوناتها، نظرا لقائمة الكتب المهمة التي كونت ثقافته بادئ بدء.
وبعد ان حفظ القرآن الكريم ظهرت مخايل الذكاء الفطري جلية عليه ما لبث ان استكملها بالتتبع والتحصيل حتى صار حافظ عصره وشيخ الاسلام.
وحفظ بعد رجوعه مع الخروبي إلى مصر سنة 786 " عمدة الاحكام " للمقدسي، و " الحاوي الصغير " للقزويني و " مختصر ابن الحاجب " الأصلي في الأصول، و " ملحة الاعراب " للهروي، و " منهج الأصول " للبيضاوي وألفية ابن مالك، والتنبيه في فروع الشافعية للشيرازي وتميز بين أقرانه بسرعة الحفظ فأشار مترجموه إلى أنه حفظ سورة مريم في يوم واحد، وكان يحفظ الصحيفة من الحاوي الصغير في ثلاث مرات يصححها ويقرؤها على نفسه ثم يقرؤها أخرى ثم يعرضها حفظا، وكانت له طريقته الخاصة في الحفظ، حدث عنها تلامذته فهو لم يكن يحفظ بالدرس، وانما بالتأمل، وصرف همته نحو ما يروم حفظه، وقد وصف السخاوي هذه الطريقة بأنها طريقة الأذكياء.
وسمع صحيح البخاري سنة 785 على مسند الحجاز عفيف الدين عبد الله النشاوري، وكانه نسي تفاصيل سماعه منه، لكنه كان يتذكر انه لم يسمع جميع الصحيح، وانما له فيه إجازة شاملة وقد بين ذلك ابن حجر بقوله: " والاعتماد في ذلك على الشيخ نجم الدين المرجاني فإنه أعلمني بعد دهر طويل بصورة الحال فاعتمدت عليه وثقا به ".
وقرأ لحثا في عمدة الاحكام على الحافظ الجمال بن ظهيرة عالم الحجاز سنة 785 ه‍، وكان عمرة اثنتي عشرة سنة.
واجتهد في طلب العلم فاهتم بالأدب والتاريخ وهو ما يزال في المكتب فنظر في التواريخ وأيام الناس، واستقر في ذهنه شئ من أحوال الرواة، وكان ذلك بتوجيه رجل من أهل الخير سماه ابن حجر للسخاوي الا ان السخاوي نسية.
وسمع في فتوته من المسند نجم الدين أبي محمد عبد الرحيم ين رزين بن غالب صحيح البخاري بقراءة الجمال بن ظهيرة سنة ست وثمانين وسبعمائة بمصر، وقاته شئ يسير، كما سمع الصحيح أيضا من أبي الفرج عبد الرحمن بن حمد بن المبارك الغزي وغيرهما.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»