الإصابة - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ٦١
جهود الخلفاء الراشدين في نشر الاسلام فان الله حين اختار نبيه محمد ا صلى الله عليه وسلم لتبليغ رسالته اختار له أصحابا على شاكلته، عزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه، عاشوا تحت راية نبيهم سعداء، وماتوا صديقين أو شهداء، كان التوحيد مبداهم، والحب ديدنهم، والسلام طبيعتهم، والصلاة والصيام والصدقة وصلة الأرحام منهجهم، ورضا الله غايتهم. ملؤوا الدنيا نورا، وأشاعوا في الكون بهجة وسرورا، قادوا الانسانية إلى ركب الحضارة المستنيرة، وأرسوا قواعد الدين فلم يغيروا ولم يبدلوا، حبب الله إليهم الايمان وزينه في قلوبهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمه.
ولما ختار الله نبيه إلى جواره بعد أن ترك الناس على الحجة البيضاء تألق في سماء الاسلام نجم كان الوزير الأول في حياته صلى الله عليه وسلم ثم صار الخليفة بعد مماته، ذلكم هو أبو بكر الصديق الذي سار على النهج المحمدي في غير تحريف ولا تبديل.
فقضى على أول فتنة ظهرت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في سقيفة بني ساعدة... تلك التي اثارها وأشعل نارها سعد بن عبادة ومن اتبعه بالطاعة والاذعان، ثم توجه إلى مانعي الزكاة فأعادهم بقوة بأسه ورباطة جأشه إلى ما كانوا عليه في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وحارب المرتدين فعادوا إلى حظيرة الاسلام صاغرين وانفذ جيش أسامة إلى الروم، وكان قد جهزه الرسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج إليهم، ولتأديب الغساسنة العرب الذين خرجوا الجزيرة العربية، واستقروا في الشام، وواجه ادعيا النبوة من أمثال مسيلمة الكذاب والأسود العنسي وطليحة الأسدي وسجاح التميمية وغيرهم فارتدوا خاسرين.
ثم انطلق أبو بكر يرسل كتائب الايمان خارج الجزيرة العربية في العراق والشام، ليكسر حاجز الخوف الذي استولى على نفوس العرب من بطش هاتين الدولتين العظيمتين (الفرس والروم).
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»