تنافس العرب في ميدان البيان كل ذلك مما لا يحتاج إلى شرح ولا تبيان، فهذا الكتاب الله ينطق علينا بالحق، ويتحدى باعجازه كافة الخلق، وهذا سحر النبوة يفيض بالدراري واللآلئ، ويزخر بالهدايات البالغة والحكم الغوالي، وهذا تاريخ الأدب العربي يسجل لأولئك العرب تفوقهم في صناعة الكلام، وسبقهم في حلبة الفصاحة كافة الأنام وامتيازهم في تذوق أسرار البلاغة خصوصا بلاغة القرآن.
العامل السادس:
الترغيب في الاقبال على الكتاب والسنة علما وعملا، وحفظا وفهما، وتعليما ونشرا، وكذلك الترهيب من الاعراض عنهما والاهمال لهما.
ففي القرآن الكريم قوله سبحانه: (ان الذين يتلون كتاب الله أقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله انه غفور شكور) فتأمل كيف قدم تلاوة القرآن على أقام الصلاة وايتاء الزكاة؟ ونقرا قوله جل ذكره:
(كتاب أنزلناه إليك مبارك ليربروا آياته وليتذكر أولو الألباب) فانظر كيف حث بهذا الأسلوب البارع على تدبر القرآن والتذكر والاتعاظ به ونقرا قوله عز اسمه: (ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم اللاعنون. الا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وانا التواب الرحيم) فتدبر كيف يكون وعيد من كتم القرآن وهدى القرآن؟
ثم نقرا في السنة النبوية قوله صلى الله عليه وسلم: " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحقتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده "