وهذا المتن متوافق تماما مع ما رواه مسلم (6 / 98) ولفظه [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيتكم عن (النبيذ إلا في) سقاء واشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا] من رواية بريدة عن أبيه مرفوعا.
فالحديث الناقص يفيد بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأسقية، والحديث الكامل يفيد بأمره بها إذ النهي عن النبيذ أصلا - فالفرق بين النص ذاته قبل وبعد تسويته بعد الحذف هو الفرق بين الاثبات والنفي. أما كيف عرف ذلك فبمقارنة ألفاظ الرواية كلها النازلة في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما مما صح سنده.
والفارق بين الاسقاط (الحذف) وبين إسقاط التسوية أنك تلمح في السياق بعد المقارنة براعة التسوية بين طرفي الحديث.
إن أي عاقل أو مسلم متبصر يأبى أن يستدل بالحديث الناقص بعد التأكد من اعتلاله لأنه حتما مناقض لمراد الله وحكمة لان المراد النهي عن الانتباذ والمحرف هو النهي عن الأسقية وشتان بينهما.
4 - ومن التدليس أيضا تدليس الحذف إذ يتصرف أحد الرواة بحذف ألفاظ أو عبارات من النصوص وإليك أمثلة من هذا الحذف:
روى البخاري في صحيحه (391 - فتح الباري) من حديث ميمون بن سياه عن أنس مرفوعا [من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته].
وهذا لفظ مختصر محذف منه ما جاء كاملا في السياق التالي فقد روى البخاري (393 - فتح الباري) نفس الرواية من نفس حديث ميمون بن سياه عن أنس بن مالك (يسأله) قال: يا أبا حمزة ما يحرم دم العبد وماله فقال: من شهد أن لا إله إلا الله واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما للمسلم وعليه ما على المسلم] فحذف من أول الحديث في الرواية السابقة قوله