سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٣ - الصفحة ٣٥٧
الهيبة خليقا للامارة، قتل عدة أمراء وقطع وشنق وهذب ممالك الجزيرة، وكان الناس يتغالون ويسمونه قضيب الذهب، وكان كثير البحث عن أحوال رعيته. عاش قريبا من تسعين سنة ووجهه مورد وقامته حسنة، يظنه من يراه كهلا، وكان يحتفل لعيد الشعانين لبقايا فيه من شعار أهله، فيمد سماطا عظيما إلى الغاية، ويحضر المغاني، وفي غضون ذلك أواني الخمور، فيفرح وينثر الذهب من القلعة، ويتخاطفه الرجال، فمقت لاحياء شعار النصارى، وقيل فيه:
يعظم أعياد النصارى محبة * ويزعم أن الله عيسى ابن مريم إذا نبهته نخوة أريحية * إلى المجد قالت أرمنيته: نم وقيل: إنه سار إلى خدمة هولاكو، وتلطف به وقدم تحفا جليلة، منها جوهرة يتيمة، وطلب أن يضعها في أذن هولاكو فاتكأ ففرك أذنه، وأدخل الحلقة في أذنه ثم رجع إلى بلاده متوليا من قبله، وقرر عليه مالا يحمله، ثم مات (1) في ثالث شعبان بالموصل سنة سبع وخمسين وست مئة.
فلما مات تملك ولده الملك الصالح إسماعيل وتزوج بابنة هولاكو فأغضبها وأغارها، ونازلت التتار الموصل، واستمر الحصار عشرة أشهر، ثم أخذت، وخرج إليهم الصالح بالأمان فغدرا به، واستباحوا الموصل، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وبدر الدين ممن كمل الثمانين، وكان ابنه الصالح إسماعيل قد سار في العام الذي قتل فيه إلى مصر، واستنجد بالمسلمين وأقبل فالتقى العدو بنصيبين فهزمهم، وقتل مقدمهم إيلكا، فتنمر هولاكو، وبعث سنداغو،

(1) في تاريخ الاسلام للذهبي أنه مات يوم الجمعة.
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»