سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٣ - الصفحة ٣١٦
العلوم، قلت: إني أحفظ القرآن بالروايات، قال: لا حتى تعلم تأويله بالحقيقة، فقلت: علمني، فقال: من غد مر بي في المساكين، فبكرت فخلا بي في موضع ثم جعل يفسر لي القرآن تفسيرا عجيبا مدهشا، ويأتي بمعاني (1)، فبهرني، وقلت: أحب أن اكتب ما تقول، فقال: كم تقول عمري؟ قلت: نحو سبعين سنة. قال: بل مئة وعشر سنين، وقد كنت أقرأ العلم أربعين سنة ثم تركت الأقراء، فاسأل الله أن يفقهك في الدين، فجعل كلما ألقى علي شيئا حفظته، قال: فجميع ما ترونه مسني من بركته، وسمعته يقول: قطب الأرض اليوم ابن الأشقر، أو قال - الأشقر، وإن مات قبلي فأنا أصير القطب، ثم قال المرسي: أنشدني ابن دهاق، أنشدني الشوذي لنفسه:
إذا نطق الوجود أصاخ قوم * بآذان إلى نطق الوجود وذاك النطق ليس به انعجام * ولكن جل عن فهم البليد فكن فطنا تنادى من قريب * ولا تك من ينادى من بعيد ولقي المرسي بفاس أبا عبد الله محمد ابن الكتاني، وكان إماما في الأصول والزهد، قال: فكتبت إلى ابن المرأة:
يا أيها العلم المرفع قدره * أنت الذي فوق السماك حلوله أنت الصباح المستنير لمبتغي * علم الحقائق أنت أنت دليله بك يا أبا إسحاق يتضح الهدى * بك تستبين فروعه وأصوله من يزعم التحقيق غيرك إنه * مثل المجوز ما العقول تحيله إلى أن قال: وقرأت " كتاب سيبويه " على أبي علي الشلوبين

(1) هكذا في الأصل.
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»