سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ٢٣١
فانهدمت بغداد بأسرها ولم يبق أن يطفح الماء على رأس السور إلا قدر إصبعين. إلى أن قال: وبقيت بغداد من الجانبين تلولا لا أثر لها.
قلت: العجب من أبي شامة (1) ينقل أيضا هذا ولا يبالي بما يقول.
وقال أبو المظفر (2): نزل خوارزم شاه في أربع مئة ألف قاصدا بغداد فاستعد الناصر، وفرق الأموال والعدد، ونفذ إليه رسولا السهروردي (3)، فأهانه فاستوقفه ولم يجلسه، وفي الخدمة ملوك العجم، قال: وهو شاب على تخت، وعليه قباء يساوي خمسة دراهم، وعى رأسه قبع جلد يساوي درهما، فسلمت فما رد، فخطبت وذكرت فضل بني العباس، وعظمت الخليفة والترجمان يعيد عليه، فقال للترجمان: قل هذا الذي يصفه: ما هو في بغداد، بلى أنا أقيم خليفة كما تصف، وردنا بلا جواب. ونزل ثلج عظيم فهلكت خيلهم وجاعوا، وكان معه سبعون ألفا من الخطا، فصرفه الله عن بغداد، وقيل: إنه قال: أنا من (4) آذيت أحدا من بني العباس؟ بل في جيش الخليفة خلق منهم، فأعد هذا على مسامع الخليفة، ومنعه الله بثلوج لا توصف.
وفيها أقبلت جيوش الفرنج لقصد بيت المقدس والاخذ بالثأر، ووصلوا إلى بيسان، وتأخر العادل فتبعوه، ونزل بمرج الصفر (5) واستحث العساكر والملوك وضج الخلق بالدعاء وكانت هدنة فانفسخت ونهبت الفرنج بلاد

(1) ذيل الروضتين: 100.
(2) مرآة الزمان: 8 / 582 - 583.
(3) شهاب الدين عمر المتوفي سنة 632.
(4) هكذا في الأصل، وفي " تاريخ الاسلام " - بخط المؤلف - وفي ذيل الروضتين:
" ما " (5) التقييد من معجم البلدان ".
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»