سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ٢٢٧
حديثهم حديث يأكل الأحاديث، وخبر ينسي التواريخ، ونازلة تطبق الأرض، هذه أمة لغتها مشوبة بلغة الهند لمجاورتهم، عراض الوجوه، واسعوا الصدور، خفاف الاعجاز، صغار الأطراف، سمر، سريعو الحركة، تصل إليهم أخبار الأمم، ولا تصل أخبارها إليهم، وقلما يقدر جاسوس أن يتمكن منهم، لان الغريب لا يشبههم، وإذا أرادوا وجهة كتموا أمرهم، ونهضوا دفعة، فتنسد لهذا على الناس وجوه الحيل، وتضيق طرق الهرب، ويسبقون التأهب، نساؤهم يقاتلن، يقتلون النساء والولدان بغير استثناء، وربما أبقوا ذا صنعة أو ذا قوة، وغالب سلاحهم النشاب، ويطعنون بالسيوف أكثر مما يضربون بها، جواشنهم من جلود، وخيلهم تأكل الكلأ وما تجد من ورق وخشب، وسروجهم صغار ليس لها قيمة، وأكلهم أي حيوان وجد وتمسه النار، تحلة القسم، ليس في قتلهم استثناء، كان قصدهم إفناء النوع، ما سلم منهم إلا غزنة وأصبهان.
قلت: ثم استباحوا أصبهان سنة 632.
قال: وهذه القبيلة الخبيثة تعرف بالتمرجي سكان براري قاطع الصين، ومشتاهم بأرغون، وهم مشهورون بالشر والغدر، والصين متسع وهو ست ممالك. قانهم الأكبر مقيم بطمغاج، وكان سلطان أحد الممالك الست دوش خان زوج عمة جنكزخان، فزار جنكزخان عمته إذ مات زوجها ومعه كشلوخان، فقالت: زوجي ما خلف ابنا فأرى أن تقوم مقامه، فقام جنكزخان، ونفذ تحفا إلى القان الكبير، فتنمر، وأنف من تملك تتري (1)، فتعاقد جنكزخان وكشلوخان على التناصر، وأبدوا الخلاف، وكثر

(1) جاء في حاشية الأصل: " التتري معناه الفلاح ".
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»