سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ٢١١
العامين، ومرض وأشرف على التلف ثم عوفي (1).
قال العماد: حزر ما قتل من العدو فكان أكثر من مئة ألف.
ومن إنشاء الفاضل إلى الديوان وهم على عكا (2): " يمدهم البحر بمراكب أكثر من أمواجه، ويخرج لنا أمر من أجاجه، وقد زر هذا العدو عليه من الخنادق دروعا، واستجن (3) من الجنونات (4) بحصون، فصار مصحرا (5) ممتنعا حاسرا مدرعا، وأصحابنا قد أثرت فيهم المدة الطويلة في استطاعتهم لا في طاعتهم، وفي أجوالهم لا في شجاعتهم فنقول: اللهم إن تهلك هذه العصابة (6)، ونرجوا على يد أمير المؤمنين الإجابة، وقد حرم باباهم لعنه الله كل مباح واستخرج منهم كل مذخور، وأغلق دونهم الكنائس، ولبسوا الحداد، وحكم أن لا يزالوا كذلك أو يستخلصوا المقبرة، فيا عصبة نبينا صلى الله عليه وسلم اخلفه في أمته بما تطمئن به مضاجعه، ووفه الحق فينا، فها نحن عندك ودائعه، ولولا أن في التصريح ما يعود على العدالة بالتجريح لقال الخادم ما يبكي العيون وينكي القلوب، ولكنه صابر محتسب وللنصر مرتقب، رب لا أملك إلا نفسي وها هي في سبيلك مبذولة، وأخي وقد هاجر

(1) قال الامام الذهبي في " تاريخ الاسلام " بعد ذكره لحصار عكا وبلاء السلطان صلاح الدين رضي الله عنه فيه: " ولعله وجبت له الجنة برباطه هذين العامين " الورقة 223 (حلب).
(2) انظر النص الكامل في الروضتين: 157 وصبح الأعشى: 7 / 126 - 130، وقد اختصر الذهبي منه وغير بعض الألفاظ اليسيرة مما لا يخل بالمعنى.
(3) استجن: استتر.
(4) في الروضتين: " الجنانات ". وهما جمع: جنان وجنانة: الترس. وفي صبح الأعشى: الجنويات.
(5) أصحر الرجل: خرج إلى الصحراء، فهو مصحر.
(6) من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر الكبرى.
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»