سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ٢٠٩
وفي سنة خمس وثمانين: نفذ طغرل تحفا وهدايا، واعتذر واستغفر.
وظهر ابن يونس، فولي نظر المخزن، ثم عزل بعد أشهر.
وفيها وفي المقبلة: كان الحصار الذي لم يسمع بمثله أبدا على عكا، كان السلطان قد افتتحها وأسكنها المسلمين، فأقبلت الفرنج برا وبحرا من كل فج عميق، فأحاطوا بها، وسار صلاح الدين فيدفعهم فما تزعزعوا ولا فكروا بل أنشأوا سورا وخندقا على معسكرهم، وجرت غير وقعة، وقتل خلق كثير يحتاج بسط ذلك إلى جزء، وامتدت المنازلة والمطاولة والمقاتلة نيفا وعشرين شهرا، وكانت الامداد تأتي العدو من أقصى البحار، واستنجد صلاح الدين بالخليفة وغيره حتى أنه نفذ رسولا إلى صاحب المغرب يعقوب المؤمني يستجيشه فما نفع، وكل بلاء النصارى ذهاب بيت المقدس منهم.
قال ابن الأثير (1): لبس القسوس السواد حزنا على القدس، وأخذهم بترك (2) القدس وركب بهم البحر يستنفرون الفرنج، وصوروا المسيح وقد ضربه النبي صلى الله عليه وسلم وجرحه، فعظم هذا المنظر على النصارى، وحشدوا وجمعوا من الرجال والأموال ما لا يحصى، فحدثني كردي كان يغير مع الفرنج بحصن الأكراد أنهم أخذوه معهم في البحر، قال: فانتهى بنا الطواف إلى رومية فخرجنا منها وقد ملانا الشواني الأربعة فضة (3).
قال ابن الأثير (4): فخرجوا على الصعب والذلول برا وبحرا، ولولا

(1) الكامل: 12 / 32.
(2) وتكتب " البطرك " أيضا، وهو البطريرك.
(3) في الكامل: " نقرة ".
(4) الكامل: 12 / 33.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»