سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ١٤٢
رسوله إلى حلب، فقال: سلطان السلاطين يسلم عليكم ويعتب إذ لم تهنئوه بفتح العراق وأذربيجان، وإن عدد جيشه سبع مئة ألف، ثم توجه رسوله إلى العادل بدمشق يقول: تعالى إلى الخدمة فقد ارتضيناك أن تكون مقدم الركاب!، فبقي الناس يهزؤون منه. وسمعنا أنه جعل صاحب الروم أمير علم له والخليفة خطيبا له! وكان له أربعة أولاد: جلال الدين الذي قام بعده، وغياث الدين تترشاه، وقطب الدين أزلاغ، وركن الدين غورشاه يحيى، وكان أحسنهم، وضربت النوبة بأمره لهم في أوقات الصلوات الخمس، على عادة الملوك السلجوقية، وانفرد هو بنوبة الإسكندر، فيضرب وقت المطلع والمغيب، وكانت سبعا وعشرين دبدبة من الذهب المرصع بالجوهر. وأما الملوك الذين كانوا في خدمته فكان يذلهم ويهينهم، وجعلهم يضربون له طبول الذهب (1). ثم إنه نزل بهمذان وانتشرت جموعه، فاختلت عليه بلاد ما وراء النهر، فرجع بعد أن أهلكهم الثلج، ولما أباد أمتي الخطا والتتر وهم أصحاب تركستان وجند وتنكت ظهرت أمة يسمون التتر أيضا، وهم صنفان، وطمعوا في البلاد فجمع وعزم على لقائهم، فوقع جنكزخان رأس الطمغاجية على كمينه فطحنوه، وانهزم جلال الدين ابنه إليه، وخيل إليه تعس الجد أن في أمرائه مخامرين فمسكهم وضرب مع التتار مصافا بعد آخر فتطحطح، ورد إلى بخارى منهزما. ثم جاء من بخارى ليجمع العساكر بنيسابور فأخذت التتار بخارى، وهجموا خراسان ففر، فما وصل إلى الري إلا وطلائعهم على رأسه، فانهزم إلى قلعة برجين، ومعه ثلاث مئة فارس عراة مضهم الجوع فاستطعموا من أكراد فلم

(1) في تاريخ الاسلام أوضح مما هنا وهو: " يجعل طبول الذهب في أعناق الملوك وهم قيام يضربون ".
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»