فاتكا أتي برأس أخيه فلم يكترث (1)، وكان قليل النوم، طويل النصب، يخدم أصحابه، ويحرس، وثيابه وعدة فرسه لا تبلغ دينارا، وكان كثير الانفاق، له مشاركة للعلماء، صحب الفخر الرازي قبل الملك، ولكنه أفسد العجب، والثقة بالسلامة، واستهان بالأعداء، وكان يقول: " محمد ينصر دين محمد "، قطع خطبة الخليفة وجاهر، وأراد أن يتشبه بالإسكندر، وأين الولي (2) من رجل تركي، فكل ملك لا يكون قصده إقامة الحق فهو وشيك الزوال، جاهر هذا أمة الخطا فنازلهم بأمة التتر واستأصلهم إلا من خدم معه، ثم انتقل إلى التتر.
ثم ذكر الموفق أشياء، وقال: فكانت بلاد ما وراء النهر في طاعة الخطا، وملوك بخارى وسمرقند يؤدون الإتاوة إلى الخطا، وكانت هذه الأمم سدا بين ترك الصين وبيننا ففتح هذا السد الوثيق وظن أنه لم يبق من يقاومه، فانتقل إلى كرمان، ثم العراق، ثم أذربيجان، وطمع في الشام ومصر، وكان عليه سهلا لو قدر. بات صاحب حلب ليله مهموما لما اتصل به من أخبار هذا وطمعه في الشام، وقيل عنه: إنه يبقى أربعة أيام على ظهر فرسه لا ينزل إنما ينتقل من فرس إلى فرس ويطوي البلاد ويهجم المدينة في نفر يسير، ثم يصبحه من عسكره عشرة آلاف ويمسيه عشرون ألفا، وربما هجم البلد في مئة، فيقضي الشغل قبل. قتل عدة ملوك، وإنما أخذه البلاد بالرعب والهيبة. وبعد موت الظاهر غازي جاء