سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٥٠٣
السمرقندي، وأبي الحسن بن توبة، وشيخ الشيوخ أبي البركات إسماعيل ابن أحمد، وهو جده لامه، وعدة.
وعني بالحديث عناية قوية، وبالقراءات، فبرع فيها، وتلا بها على أبي محمد سبط الخياط، وأبي الحسن بن محمويه، وأبي العلاء الهمذاني، وأخذ المذهب (1) والخلاف عن أبي منصور ابن الرزاز، والعربية عن أبي محمد ابن الخشاب. وصحب جده أبا البركات، ولبس منه (2)، ولازم ابن ناصر، وأخذ عنه علم الأثر (3)، وحفظ عنه فوائد غزيرة.
قال ابن النجار (4): شيخنا ابن سكينة شيخ العراق في الحديث والزهد وحسن السمت وموافقة السنة والسلف. عمر حتى حدث بجميع مروياته، وقصده الطلاب من البلاد، وكانت أوقاته محفوظة، لا تمضي له ساعة إلا في تلاوة أو ذكر أو تهجد أو تسميع، وكان إذا قرئ عليه منع من القيام له أو لغيره. وكان كثير الحج والمجاورة والطهارة، لا يخرج من بيته إلا لحضور جمعة أو عيد أو جنازة، ولا يحضر دور أبناء الدنيا في هناء ولا عزاء، يديم الصوم غالبا، ويستعمل السنة في أموره، ويحب الصالحين، ويعظم العلماء، ويتواضع للناس، وكان يكثر أن يقول: أسأل الله أن يميتنا مسلمين، وكان ظاهر الخشوع، غزير الدمعة، ويعتذر من البكاء، ويقول: قد كبرت ولا أملكه. وكان الله قد ألبسه رداء جميلا من البهاء وحسن الخلقة وقبول الصورة، ونور الطاعة، وجلالة العبادة، وكانت له في القلوب

(1) يعني مذهب الإمام الشافعي - رضي الله عنه -.
(2) يعني: لبس منه خرقة التصوف.
(3) أي الحديث الشريف على قائله أفضل الصلاة والسلام.
(4) التاريخ المجدد لمدينة السلام، الورقة: 64 - 66 (ظاهرية).
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»