سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٣١٤
بها، فتحرق، وتهدد على الاشتغال بالفروع، وأمر الحفاظ بجمع كتاب في الصلاة من (الكتب الخمسة)، و (الموطأ)، و (مسند ابن أبي شيبة)، و (مسند البزار)، و (سنن الدارقطني)، و (سنن البيهقي)، كما جمع ابن تومرت في الطهارة. ثم كان يملي ذلك بنفسه على كبار دولته، وحفظ ذلك خلق، فكان لمن يحفظه عطاء وخلعة. إلى أن قال: وكان قصده محو مذهب مالك من البلاد، وحمل الناس على الظاهر، وهذا المقصد بعينه كان مقصد أبيه وجده، فلم يظهراه، فأخبرني غير واحد أن ابن الجد أخبرهم قال: دخلت على أمير المؤمنين يوسف، فوجدت بين يديه كتاب ابن يونس، فقال: أنا أنظر في هذه الآراء التي أحدثت في الدين، أرأيت المسألة فيها أقوال، ففي أيها الحق؟ وأيها يجب أن يأخذ به المقلد؟ فافتتحت أبين له، فقطع كلامي، وقال: ليس إلا هذا، وأشار إلى المصحف، أو هذا، وأشار إلى (سنن) أبي داود، أو هذا، وأشار إلى السيف.
قال يعقوب: يا معشر الموحدين، أنتم قبائل، فمن نابه أمر، فزع إلى قبيلته، وهؤلاء - يعني طلبة العلم (1) - لا قبيل لهم إلا أنا، قال:
فعظموا عند الموحدين.
وفي سنة خمس وثمانين غزا الفرنج، ثم رجع، فمرض، وتكلم أخوه أبو يحيى في الملك، فلما عوفي، قتله، وتهدد القرابة (2).
وفي سنة تسعين انتقضت الهدنة، فتجهز، وعرض جيوشه بإشبيلية،

(1) يعني طلبة علم الحديث.
(2) راجع تفاصيل ذلك في (المعجب): 356 - 358.
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»