وقضى له ابن مضاء (1)، ثم الوهراني (2)، ثم أبو القاسم بن بقي (3).
ولما تملك، كان حوله منافسون له من عمومته وإخوته، ثم تحول إلى سلا، وبها تمت بيعته، وأرضى آله بالعطاء، وبنى مدينة تلي مراكش على البحر (4)، فما عتم أن خرج عليه علي ابن غانية الملثم، فأخذ بجاية، وخطب للناصر العباسي، فكان الخطيب بذلك عبد الحق مصنف (الاحكام)، ولولا حضور أجله، لأهلكه المنصور (5).
ثم تملك ابن غانية قلعة حماد، فسار المنصور، واسترد بجاية، وجهز جيشه، فالتقاهم ابن غانية فمزقهم، فسار المنصور بنفسه، فكسر ابن غانية، وذهب مثخنا بالجراح، فمات في خيمة أعرابية (6)، وقدم جيشه عليهم أخاه يحيى، فانحاز بهم إلى الصحراء مع العرب، وجرت له حروب طويلة، واسترد المنصور قفصة (7)، وقتل في أهلها، فأسرف، ثم قتل عميه سليمان وعمر صبرا (8)، ثم ندم، وتزهد، وتقشف، وجالس الصلحاء والمحدثين، ومال إلى الظاهر، وأعرض عن المالكية، وأحرق ما لا يحصى من كتب الفروع.
قال عبد الواحد بن علي (9): كنت بفاس، فشهدت الأحمال يؤتى