عن أبي مروان بن حزبول (1)، ثم أقبل على علوم الأوائل وبلاياهم، حتى صار يضرب به المثل في ذلك.
قال الأبار (2): لم ينشأ بالأندلس مثله كمالا وعلما وفضلا، وكان متواضعا، منخفض الجناح، يقال عنه: إنه ما ترك الاشتغال مذ عقل سوى ليلتين: ليلة موت أبيه، وليلة عرسه، وإنه سود في ما ألف وقيد (3) نحوا من عشرة آلاف ورقة، ومال إلى علوم الحكماء، فكانت له فيها الإمامة. وكان يفزع إلى فتياه في الطب، كما يفزع إلى فتياه في الفقه، مع وفور العربية، وقيل: كان يحفظ ديوان أبي تمام والمتنبي (4).
وله من التصانيف: (بداية المجتهد) في الفقه، و (الكليات) في الطب، و (مختصر المستصفى) في الأصول، ومؤلف في العربية (5).
وولي قضاء قرطبة، فحمدت سيرته.
قال ابن أبي أصيبعة في (تاريخ الحكماء) (6): كان أوحد في الفقه والخلاف، وبرع في الطب، وكان بينه وبين أبي مروان بن زهر مودة، وقيل: كان رث البزة، قوي النفس، لازم في الطب أبا جعفر بن هارون مدة، ولما كان المنصور صاحب المغرب بقرطبة، استدعى ابن رشد، واحترمه كثيرا، ثم نقم عليه بعد، - يعني لأجل الفلسفة -. وله (شرح أرجوزة ابن سينا) في الطب، و (المقدمات) في الفقه، كتاب (الحيوان)،