وقال المنذري (1): سمع منه جماعة من رفقائنا، وكتب الكثير، وخطه في غاية الجودة. ولي ديوان النظر في الدولة المصرية، وتقلب في الخدم، وعاش تسعا وثمانين سنة.
قال الموفق عبد اللطيف: كان أسمر طوالا رقيقا، له أدب وترسل، وكان صاحب الديوان، والقاضي الفاضل، ممن يغشى بابه ويمتدحه، ويفخر بالوصول إليه، فلما جاءت الدولة الصلاحية، قال الفاضل: هذا رجل كبير القدر ينبغي أن يجرى عليه ما يكفيه، ويجلس في بيته، ففعل ذلك، ثم توجه إلى اليمن، ووزر بها، وترسل إلى بغداد، فعظم وبجل، ولما صرت إلى مصر، وجدت ابن بنان في ضنك، وعليه دين ثقيل أدى أمره إلى أن حبسه الحاكم بالجامع، وكان ينتقص بالقاضي الفاضل، ويراه بالعين الأولى (2)، فقصر الفاضل في حقه، وكان الدين لأعجمي، فصعد إليه إلى سطح الجامع، وسفه عليه، وقبض عليه لحيته وضربه، ففر، وألقى نفسه من السطح، فتهشم، فحمل إلى داره، ومات بعد أيام، فسير الفاضل لتجهيزه خمسة عشر دينارا مع ولده، ثم إن الفاضل مات بعد ثلاثة أيام فجاءة.
مات ابن بنان في ثالث ربيع الآخر سنة ست وتسعين وخمس مئة.