أنت من فيروزاباد. قال: أما جمعتنا سفينة نوح (1)؟ فشاهدت من حسن أخلاقه ولطافته وزهده ما حبب إلي لزومه، فصحبته إلى أن مات.
توفي ليلة الحادي والعشرين من جمادى الآخرة، سنة ست وسبعين وأربع مئة ببغداد، وأحضر إلى دار أمير المؤمنين المقتدي بالله، فصلى عليه، ودفن بمقبرة باب أبرز، وعمل العزاء بالنظامية، وصلى عليه صاحبه أبو عبد الله الطبري، ثم رتب المؤيد بن نظام الملك بعده في تدريس النظامية أبا سعد المتولي (2)، فلما بلغ ذلك النظام، كتب بإنكار ذلك، وقال: كان من الواجب أن تغلق المدرسة سنة من أجل الشيخ. وعاب على من تولى، وأمر أن يدرس الإمام أبو نصر عبد السيد بن الصباغ بها (3).
قلت: درس بها الشيخ أبو إسحاق بعد تمنع، ولم يتناول جامكية (4) أصلا، وكان يقتصر على عمامة صغيرة وثوب قطني، ويقنع بالوقت، وكان الفقيه رافع الحمال رفيقه في الاشتغال، فيحمل شطر نهاره بالاجرة، وينفق على نفسه وعلى أبي إسحاق، ثم إن رافعا حج وجاور، وصار فقيه الحرم في حدود الأربعين وأربع مئة.
ومات أبو إسحاق، ولم يخلف درهما، ولا عليه درهم. وكذا فليكن