سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٤٢٩
البربر، وبربر من ولد قيذار بن إسماعيل.
ويقال: إن دار البربر كانت فلسطين، وملكهم هو جالوت، فلما قتله نبي الله داود، جلت البربر إلى المغرب، وانتشروا إلى السوس الأقصى، فطول أراضيهم نحو من ألف فرسخ. وغزا المسلمون فيهم في زمن بني أمية، وأسلم خلق منهم، وسبي من ذراريهم، وكانت والدة المنصور بربرية، ووالدة عبد الرحمن الداخل بربرية، فكان يقال: تملك ابنا بربريتين الدنيا. ثم كان الذين أسلموا خوارج وإباضية (1)، حاربوا مرات، وراموا الملك، إلى أن سار إليهم داعي المهدي، فاستمالهم، وأفسد عقائدهم، وقاموا مع المهدي (2)، وتملك المغرب بهم، ثم سار المعز (3) - من أولاده - في جيش من البربر، فأخذ الديار المصرية، ثم في كل وقت يثور بعضهم على بعض وإلى اليوم، وفيهم حدة وشجاعة، وإقدام على الدماء، وهم أمم لا يحصون، وقد تملكوا الأندلس سنة إحدى وأربع مئة، وفعلوا العظائم، ثم ثاروا من الصحراء - كما ذكرنا - مع أبي بكر بن عمر، وتملكوا نحوا من ثمانين سنة، حتى خرج من جبال درن (4) ابن تومرت (5)، وفتاه عبد المؤمن (6)، وتملكوا المغرب،

(1) الأباضية: هم أصحاب عبد الله بن إباض الذي خرج في أيام مروان بن محمد، قالوا إن مخالفينا من أهل القبلة كفار غير مشركين، ومناكحتهم جائزة، وموارثتهم حلال، وغنيمة أموالهم من السلاح والكراع عند الحرب حلال وما سواه حرم. وحرام قتلهم وسبيهم في السر غيلة إلا بعد نصب القتال وإقامة الحجة وقد انقسموا عدة فرق. انظر " الملل والنحل " للشهرستاني 1 / 134، و " الفرق بين الفرق ": 82.
(2) هو أبو محمد عبيد الله العلوي. وقد تقدمت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (65).
(3) هو معد بن المنصور إسماعيل. وقد تقدمت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (68).
(4) هو جبل من جبال البربر بالمغرب، فيه عدة قبائل وبلدان وقرى. (ياقوت).
(5) هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت المهدي، ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (318).
(6) هو أبو محمد عبد المؤمن بن علي بن علوي، ستأتي ترجمته في الجزء العشرين. برقم (254).
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»