سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٢٥
سليمان الشارح لكتاب أبي داود، فإذا وقف منصف على مصنفاته، واطلع على بديع تصرفاته في مؤلفاته، تحقق إمامته وديانته فيما يورده وأمانته، وكان قد رحل في الحديث وقراءة العلوم، وطوف، ثم ألف في فنون من العلم، وصنف، وفي شيوخه كثرة، وكذلك في تصانيفه، منها " شرح السنن "، الذي عولنا على الشروع في إملائه وإلقائه، وكتابه في غريب الحديث، ذكر فيه ما لم يذكره أبو عبيد، ولا ابن قتيبة في كتابيهما، وهو كتاب ممتع مفيد، ومحصله بنية موفق سعيد، ناولنيه القاضي أبو المحاسن بالري، وشيخه فيه عبد الغافر الفارسي يرويه عن أبي سليمان، ولم يقع لي من تواليفه سوى هذين الكتابين مناولة (1) لا سماعا عند اجتماعي بأبي المحاسن، لعارضة قد برحت بي، وبلغت مني، لولاها لما توانيت في سماعهما، وقد روى لنا الرئيس أبو عبد الله الثقفي كتاب " العزلة " (2). عن أبي عمرو الرزجاهي، عنه، وأنا أشك هل سمعته كاملا أو بعضه...
إلى أن قال السلفي: وحدث عنه أبو عبيد الهروي في كتاب:
" الغريبين "، فقال: أحمد بن محمد الخطابي، ولم يكنه. ووافقه على ذلك أبو منصور الثعالبي (3) في كتاب " اليتيمة "، لكنه كناه، وقال: أبو

(1) المناولة: هي أن يناول الشيخ الطالب كتابا من سماعه، ويقول: ارو هذا عني، أو يملكه إياه، أو يعيره لينسخه ثم يعيده إليه، أو يأتيه الطالب بكتاب من سماعه، فيتأمله ثم يقول:
اروعني هذا. ويسمى هذا عرض المناولة. انظر " الباعث الحثيث " 123، 124، و " تدريب الراوي " 1 / 44 - 55.
(2) وقد طبع في القاهرة سنة 1937 م.
(3) ووافقهما على ذلك ياقوت في " معجم الأدباء " و " معجم البلدان " وقال: إنما ذكرته أنا في هذا الباب لان الثعالبي وأبا عبيد الهروي - وكانا معاصريه - سمياه أحمد، ثم نقل عن أبي سعد السمعاني قوله في كتاب مرو: سئل أبو سليمان عن اسمه، فقال: اسمي الذي سميت به حمد، لكن الناس كتبوه أحمد، فتركته عليه، ونقل ابن خلكان هذا القول للخطابي عن أبي عبد الله الحاكم، ووردت تسميته أحمد أيضا في " إنباه الرواة " و " خزانة الأدب ".
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»