سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ١٦٧
فتفكرت ليلتي حتى بقيت أكرر التفكر، فلما وقعت إلى أصحاب الجزيرة من أصحاب الزهري، تذكرت محمد بن أبي حفصة، فإذا كنيته أبو سلمة، فلما أصبحت، حضرت مجلسه، ولم أذكر شيئا حتى قرأت عليه نحو مئة حديث، قال: هل تفكرت فيما جرى؟ فقلت:
نعم هو محمد بن أبي حفصة، فتعجب، وقال لي: نظرت في حديث سفيان لأبي عمرو البحيري؟ فقلت: لا، وذكرت له ما أممت في ذلك، فتحير، وأثنى علي، ثم كنت أسأله، فقال: أنا إذا ذاكرت (1) اليوم في باب لابد من المطالعة لكبر سني. فرأيته في كل ما ألقي عليه بحرا، وقال لي: أعلم بأن خراسان وما وراء النهر، لكل بلدة تاريخ صنفه عالم منها، ووجدت نيسابور مع كثرة العلماء بها لم يصنفوا فيه شيئا، فدعاني ذلك إلى أن صنفت " تاريخ النيسابوريين " (2) فتأملته، ولم يسبقه إلى ذلك أحد (3)، وصنف لأبي علي بن سيمجور كتابا في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وأزواجه وأحاديثه، وسماه " الإكليل "، لم أر

(1) في الأصل: " ذكرت "، والمثبت من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1041.
(2) قال الدكتور فؤاد سزكين في " تاريخ التراث العربي " 1 / 369: كان يتكون من 12 جزءا كما ذكر البيهقي (تاريخ بيهق 21)، وكان هذا الكتاب مرتبا على حروف المعجم: ويضم تراجم لصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وللشخصيات البارزة في نيسابور إلى سنة 380 ه‍.
ولهذا الكتاب تكملة بها ذكر للشيوخ والأصدقاء الذين ماتوا بعد سنة 388 ه‍. ويبدو أن النسخة الأصلية لهذا الكتاب قد فقدت، أما المختصر العربي المتأخر من هذا الكتاب، فهو ترجمة عن صياغة فارسية، أعدها مصنف اسمه الخليفة النيسابوري، الذي عاش في زمن لا يبعد عن القرن السابع الهجري. وهناك تكملة " لتاريخ نيسابور " بعنوان: " السياق لتاريخ نيسابور " لعبد الغافر بن إسماعيل الفارسي المتوفى سنة 529 ه‍، وتوجد هذه التكملة مخطوطة في: صائب بأنقرة 1544. وألف إبراهيم بن محمد الصريفيني المتوفى سنة 641 مختصرا لهذه التكملة بعنوان " المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور " ومنه نسخة خطية في كوبريلي 1152.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1040، 1041.
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»