مصره الذي به يتبركون، وإلى دعائه يفزعون.
كان منقطع القرين، مجاب الدعوة، جربت دعوته في أشياء ظهرت، حج وعني بالقراءات والتفسير، وله حظ من الفقه، لكن غلبت عليه العبادة.
وقد جمع يونس بن عبد الله كتابا في فضائله.
وذكره عمر بن عفيف، فقال: كان من أهل العلم والزهد والتقشف والعبادة، وجميل المذهب، لم تر عيني مثله في الزهد والعبادة، يلبس الصوف، ويمشي حافيا مرة، وينتقل مرة، فحدثني محمد بن أبي عثمان، عن أبيه أن الحكم المستنصر بالله أحب أن يجتمع بيحيى بن مجاهد الزاهد، فلم يقدر عليه، ووجه إليه من يتلطف به ويستعطفه، فقال: مالي إليه حاجة، وإنما يدخل على السلطان الوزراء، وأهل الهيئة، وأيش يعمل بأصحاب الأطمار الرثة، فوجه إليه الحكم جبة صوف وغفارة وقميصا من وسط الثياب دنانير، فلما نظر إليها قال: ما لي ولهذه؟! ردوها على صاحبها، ولئن لم يتركوني سافرت، فيئس من لقائه وتركه، وكان يجلس إلى مؤدب بالجامع يأنس به.
قال ابن حيان: أخبرني أبي خلف، قال: كنت يوما في حلقة الأستاذ أبي الحسن الأنطاكي في الجامع، وإذا بحس في المقصورة، فخرج منها فتى، وبيده كرسي جلد، فجاء حتى وقف على الشيخ، ووضع الكرسي على مقربة منه، وقال: أمير المؤمنين يخرج الساعة، ويقول لك: لا تقم ولا تتغير إكراما لمجلسك وإعظاما لما أنت عليه، فلم يلبثوا إلا يسيرا، وإذا برجة في المقصورة، فإذا الفتيان والعبيد قد خرجوا والحكم معهم، فجاء