سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٦ - الصفحة ٢٠٧
من خلقي، فأخبرت الأستاذ، فقال: لا تعاوده فقد وضع القصعة.
قال عبد الغني: وسمعت أحمد بن محمد بن سعرة، أنه سمع أبا بكر ابن مقاتل يقول: أنفق القاضي أبو الطاهر بيت مال خلفه له أبوه.
قال الحافظ عبد الغني: لما تلقى أبو الطاهر المعز أبا تميم بالإسكندرية ساءله المعز، فقال: يا قاضي، كم رأيت من خليفة؟ قال:
واحد، قال: من هو؟ قال: أنت، والباقون ملوك. فأعجبه ذلك، ثم قال له: أحججت؟ قال: نعم، قال: وسلمت على الشيخين؟ قال: شغلني عنهما النبي صلى الله عليه وسلم كما شغلني أمير المؤمنين عن ولي عهده، فازداد به المعز إعجابا، وتخلص من ولي العهد إذ لم يسلم عليه بحضرة المعز، فأجازه المعز يومئذ بعشرة آلاف درهم.
وحدثني زيد بن علي الكاتب: أن القاضي أبا الطاهر السدوسي أنشده لنفسه:
إني وإن كنت بأمر الهوى * غرا فستري غير مهتوك أكني عن الحب ويبكى دما * قلبي ودمعي غير مسفوك فظاهري ظاهر مستملك * وباطني باطن مملوك وأخبرني خمار بن علي بصور، قال: أتيت القاضي أبا الطاهر بأبيات له في ولده، فأنشد فيها وبكى:
يا طالبا بعد قتلي * الحج لله نسكا تركتني فيك صبا * أبكي عليك وأبكى وكيف أسلوك قل لي * أم كيف أصبر عنكا روحي فداؤك هذا * جزءا عبدك منكا
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»