القاضي، فلما فرغ، قلت: كما قرئ عليك؟ قال: نعم، إلا اللحنة بعد اللحنة. قلت: أيها القاضي، فسمعته معربا؟ قال: لا. فقلت: هذه بهذه. وقمت من ليلتي فجلست عند اليتيم النحوي.
قال طلحة بن محمد بن جعفر: استقضى المتقي لله في سنة تسع وعشرين وثلاث مئة أبا الطاهر محمد بن أحمد الذهلي، وله أبوة في القضاء، سديد المذهب، متوسط الفقه على مذهب مالك، وكان له مجلس يجتمع إليه المخالفون ويناظرون بحضرته، وكان يتوسط بينهم ويتكلم بكلام سديد، ثم صرف بعد أربعة أشهر، ثم استقضي على الشرقية في سنة أربع وثلاثين، وعزل بعد أشهر (1).
قال عبد الغني: سألت أبا الطاهر عن أول ولايته القضاء، فقال:
سنة عشر وثلاث مئة. وقد كان ولي البصرة. وقال لي: كتبت العلم سنة ثمان وثمانين ومئتين.
قال عبد الغني: وقد قرأ القرآن وهو ابن ثمان سنين، وكان مفوها، حسن البديهة، شاعرا، علامة، حاضر الحجة، عارفا بأيام الناس، غزير المحفوظ، ولا يمله جليسه من حسن حديثه، وكان سمحا كريما، ولي قضاء مصر سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة، وأقام على قضائها ثماني عشرة سنة.
قال عبد الغني: وسمعت الوزير أبا الفرج يعقوب بن يوسف يقول: قال لي الأستاذ كافور: اجتمع بالقاضي أبي الطاهر، فسلم عليه، وقل له: إنه بلغني أنك تنبسط مع جلسائك، وهذا الانبساط يقل هيبة الحكم، فأعلمته بذلك، فقال: قل للأستاذ: لست ذا مال أفيض به على جلسائي، فلا أقل